بسببها على الموت. وهي استعارة حسنة. وأصلها: أن من قرب من الشيء وجد ريحه.
وقوله:(وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من قتل قتيلًا له عليه بيّنة فله سلبه)؛ دليل: على أن هذا القول منه - صلى الله عليه وسلم - كان بعد أن برد القتال، وأما قبل القتال (١) فيكره مالك للإمام أن يقول مثل ذلك؛ لئلا تفسد نية المجاهدين. وهل قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك القول مُقَعِّدًا لقاعدة السلب للقاتل، ومبيِّنًا لحكم الله تعالى في ذلك دائمًا، وفي كل واقعة؟ وإليه صار الليث، والشافعي، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، والطبري، والثوري، وأبو ثور، قالوا: السلب للقاتل، قاله الإمام أو لم يقله، غير أن الشافعي -رحمه الله- اشترط في ذلك: أن يقتله مقبلًا. واشترط الأوزاعي أن يكون ذلك قبل التحام الحرب.
أو قاله - صلى الله عليه وسلم - على جهة أن يبيِّن: أن للإمام أن يفعل ذلك إذا رآه مصلحة؟ وإلى هذا ذهب مالك، وأبو حنيفة، فقالا: إن السلب ليس بحق للقاتل، وإنه من الغنيمة إلا أن يجعل الأمير ذلك له.
فأما الطائفة الأولى: فتمسَّكت بظاهر الحديث المتقدِّم، وقصر الشافعي عموم قوله:(من قتل قتيلًا) على نحو ما وقع لأبي قتادة؛ فإنه قتل الكافر مقبلًا، ولذلك ضمه الضمة الشديدة، وليس للأوزاعي على ما اشترط حجَّة من الحديث، بل هو حجَّة عليه؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك بعد فراغ القتال.
وأما الطائفة الثانية: فإنهم ردُّوا ظاهر ذلك الحديث لما يعارضه، وهو قوله تعالى:{وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} فأضاف أربعة