للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أخماس الغنيمة للغانمين، ولا يصلح قوله: (من قتل قتيلًا فله سلبه) للتخصيص، للاحتمال الذي أبديناه. ومما تمسَّكوا به قضية أبي جهل الآتية بعد هذا، وذلك: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لابني عفراء: (كلاكما قتله)، ثم قضى بسلبه لأحدهما (١)، وهي نصٌّ في المقصود، لا يقال: إن قضية أبي جهل متقدَّمة وقضية أبي قتادة متأخرة، فتكون ناسخة؛ لأنا لا نسلم التعارض لإمكان الجمع بين القضيتين؛ لأن ذلك رأي رآه فيهما، فاختلف الحال بحسب اختلاف الاجتهاد. والله تعالى أعلم.

ومما يعتضدُ به هؤلاء: أنه لو كان قوله: من قتل قتيلًا فله سلبه) مقعدًا للقاعدة، ومبيِّنًا لها؛ لكان ذلك أمرًا معمولًا به عند الصحابة، وخصوصًا الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم، فإنهم كانوا حضورًا في ذلك الموطن، وقد انقرضت أعصارهم، ولم يحكموا: بأن السلب للقاتل مطلقًا، على ما حكاه ابن أبي زيد في مختصره. هذا مع كثرة وقائعهم في العدو، وغنائمهم، وعموم الحاجة إلى ذلك. فلما لم يكن ذلك كذلك؛ صح أن يقال: إن ذلك موكول لرأي الإمام. والله تعالى أعلم.

تفريع: لا شك في أن من كان مذهبه: أن السلب للقاتل: أنه لا يخمسه، وإنما يملكه بنفس القتل المشهود عليه، وأما من صار إلى: أن ذلك للإمام يرى فيه رأيه، فاختلفوا؛ هل يخمس أو لا يخمس؟ فقال مالك، والأوزاعي، ومكحول: يخمس. وقاله إسحاق إذا كثر. ونحوه عن عمر، وحكى ابن خواز منداذ عن مالك: أن الإمام مخيَّر في ذلك كله. قاله القاضي إسماعيل.

ثم اختلفوا في السلب الذي يستحقه القاتل. فذهب الأوزاعي، وابن حبيب من أصحابنا إلى أنه فَرسه الذي ركبه، وكل شيء كان عليه من لبوس، وسلاح، وآلة، وحلية له ولفرسه. غير أن ابن حبيب قال: إن المنطقة التي فيها دنانير


(١) يأتي الحديث في التلخيص (١٥٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>