ودراهم نفقة داخلة في السَّلب. ولم ير ذلك الأوزاعي. وقد عمل بقولهما جماعة من الصحابة. ونحوه مذهب الشافعي، غير أنه تردد في السوارين، والحلية، وما في معناهما من غير حلية الحرب.
وذهب ابن عباس إلى أنه: الفرس، والسِّلاح، وهو معنى مذهب مالك. وشذَّ أحمد، فلم ير الفرس من السَّلب، ووقف في السَّيف. وللشافعي قولان فيما وجد في عسكر العدو من أموال المقتول؛ هل هو من سلبه أم لا؟ والصحيح: العموم فيما كان معه، تمسّكًا بالعموم. والله تعالى أعلم.
وقوله:(له عليه بينة)؛ قال بظاهره الليث، والشافعي، وبعض أصحاب الحديث، فلا يستحق القاتل السلب إلا بالبيّنة، أو بشاهدٍ ويمين. وقال الأوزاعي والليث: ليست البيّنة شرطًا في الاستحقاق، بل إن اتفق ذلك فهو الأولى دفعًا للمنازعة، وإن لم يتفق كان للقاتل بغير بيّنة، ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى أبا قتادة سلب مقتوله من غير شهادة، ولا يمين. ولا يكفي شهادة واحد، ولا يناط بها حكم بمجردها، لا يقال: إنما أعطاه إيَّاه بشهادة الذي هو في يده، وشهادة أبي بكر؛ لأن أبا بكر رضي الله عنه لم يُقم شهادة لأبي قتادة، وإنما منع أن يُدفع السلب للذي ذكر أنه في يده، ويمنع منه أبو قتادة. ويخرج على أصول المالكية في هذه المسألة، ومن قال بقولها: أنه لا يحتاج الإمام فيه إلى بينة؛ لأنه من الإمام ابتداء عطيّة. فإن شرط فيه (١) الشهادة كان له، وإن لم يشترط، جاز أن يعطيه من غير شهادة. والله تعالى أعلم.