للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: يَا عَمِّ، هَل تَعرِفُ أَبَا جَهلٍ؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَم، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيهِ يَا ابنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخبِرتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن رَأَيتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعجَلُ مِنَّا، قَالَ: فَتَعَجَّبتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ فَقَالَ مِثلَهَا، قَالَ: فَلَم أَنشَب أَن نَظَرتُ إِلَى أَبِي جَهلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسأَلَانِ عَنهُ، قَالَ:

ــ

القوة. ومنه قولهم: هل يدرك الظالع شأو الضليع - بالضاد -؛ أي: القوي، والظالع - بالظاء المشالة -: هو الذي أصابه الظلع، وهو ألَمٌ يأخذ الدَّابة في بعض قوائمها. وكأنه استضعفهما (١) لصغر أسنانهما.

وقوله: (لا يفارق سوادي سواده)؛ أي: شخصي شخصه. وأصله: أن الشخص يرى على البعد أسود. والله تعالى أعلم.

وقوله: (حتى يموت الأعجل منَا)؛ أي: الأقرب أجلًا، وهو كلام مستعمل يفهم منه: أنه يلازمه، ولا يتركه إلى وقوع الموت بأحدهما. وصدور مثل هذا الكلام في حالة الغضب والانزعاج يدل على صحة العقل، وثبوت الفهم، والتثبت العظيم في النظر في العواقب؛ فإن مقتضى الغضب أن يقول: حتى أقتله؛ لكن العاقبة مجهولة.

وقوله: (فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس)؛ معنى لم أنشب: لم أشتغل بشيء. وهو من: نشب بالشيء؛ إذا دخل فيه، وتعلَّق به. و (يزول)؛ أي: يجول ويضطرب في المواضع، ولا يستقر على حال. وهو فعل من يعبئ الناس، ويحرضهم. أو فعل من أخذه الزويل، وهو: الفزع والقلق. والأول أولى؛ لرواية ابن ماهان لهذا الحرف: (يجول) بالجيم.


(١) في (ج): استصغرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>