للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَلَبَهُ؟ . قَالَ: استَكثَرتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: ادفَعهُ إِلَيهِ. فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَل أَنجَزتُ لك مَا ذَكَرتُ لك عِن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-؟ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَاستُغضِبَ، فَقَالَ: لَا تُعطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعطِهِ

ــ

واحتزَّ رأسه بعد أن جرى له معه كلام سيأتي إن شاء الله تعالى.

وقول عوف بن خالد: (هل أنجزت لك ما ذكرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ) كلام فيه نوع من التقصير، والتهكم بمنصب الإمارة، والإزراء عليه، ولذلك غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك حين سمعه، ثم أمضى ما فعله خالد بقوله: (لا تعطه يا خالد! )، ونوَّه به، وعظم حرمته بقوله: (هل أنتم تاركو لي أمرائي؟ ! ) وهذا يدل دلالة واضحة على: أن السَّلب لا يستحقه القاتل بنفس القتل، بل برأي الإمام ونظره، كما قدَّمناه.

وقوله: (ادفعه إليه)؛ هو أمر على جهة الإصلاح ورفع التنازع، فلما صدر من عوف ما يقتضي الغض من منصب الإمارة أمضى ما رآه الأمير؛ لأنه لم يكن للقاتل فيه حق. وهذا نحو مما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بماء الزبير، حيث نازعه الأنصاري في السقي، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (اسق يا زبير! وأرسل الماء إلى جارك)، فأغضب الأنصاري النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال للزبير: (اسق يا زبير! وأمسك الماء حتى يبلغ الجدر)، فاستوفى للزبير حقه (١).

وهذا الحديث من أصعب الأحاديث على القائل بأن السَّلب يستحقه القاتل بنفس القتل.

و(استغضب) هو مبني لما لم يسم فاعله؛ أي: أغضب، زيدت فيه السين والتاء، ومعناه: خلق فيه الغضب عندما سمع ما كرهه شيئا فشيئا، والله تعالى أعلم.


(١) رواه أحمد (٤/ ٤ و ٥)، والبخاري (٢٣٥٩ و ٢٣٦٠)، ومسلم (٢٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>