للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٢٧٥] وعَن عُمَرَ قَالَ: كَانَت أَموَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، مِمَّا لَم يُوجِف عَلَيهِ المُسلِمُونَ بِخَيلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَت لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً،

ــ

ما استدل به لمالك من عمل الخلفاء على خلاف ظاهرها، لكان الأولى التمسُك بظاهرها، لكنهم -رضي الله عنهم- هم أعرف بالمقال، وأقعد بالحال، لا سيما مع تكرار هذا الحكم عليهم، وكثرته فيهم. فإنهم لم يزالوا آخذين للغنائم، قاسمين لها طوال مدتهم؛ إذ هي عيشهم، ومنها رزقهم، وبها قام أمرهم؛ فكيف يخفى عليهم أمرها، أو يشذ عنهم حكم من أحكامها؟ هذا ما لا يظنُّه بهم من يعرفهم.

وقوله: (كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله)؛ أفاء: أي: رد على رسوله من أموال الكفار. وهذا يدل على: أن الأموال إنما كانت للمسلمين بالأصالة، ثم صارت للكفار بغير الوجوه الشرعية، فكأنهم لم يملكوا ملكًا صحيحًا، لا سيما إذا تنزلنا على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ومع ذلك فلهم شبهة الملك؛ إذ قد أضاف الله إليهم أموالًا؛ كما أضاف (١) إليهم أولادًا، فقال: {فَلا تُعجِبكَ أَموَالُهُم وَلا أَولادُهُم} وقد اتفق المسلمون على: أن الكافر إذا أسلم وبيده مال غير متعين للمسلمين كان له، لا ينتزعه أحدٌ منه بوجه من الوجوه. وسيأتي للمسألة مزيد بيان.

وقوله: (مما لم يوجف عليه)؛ أي: يسرع. والإيجاف: الإسراع، ووجيف الخيل: إسراعها. والرِّكاب: الإبل.

وقوله: (فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصَّة)؛ هذا الحديث حجَّة لمالك على: أن الفيء لا يقسم، وإنما هو موكول لاجتهاد الإمام، والخلاف الذي ذكرناه في الخمس هو الخلاف هنا، فمالك لا يقسمه، وأبو حنيفة يقسمه أثلاثًا، والشافعي أخماسًا.


(١) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>