ولملازمتها بيتها، فعبَّر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)(١)، وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كيف لا يكون كذلك وهي بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسيدة نساء أهل الجنة؟
ودفنُ علي لفاطمة ليلًا، يحتمل أن يكون ذلك مبالغة في صيانتها، وكونه لم يؤذن أبا بكر بها؛ لعله إنما لم يفعل ذلك لأن غيرَه قد كفاه ذلك، أو خاف أن يكون ذلك من باب النعي المنهي عنه، وليس في الخبر ما يدل على: أن أبا بكر لم يعلم بموتها، ولا صلَّى عليها، ولا شاهد جنازتها، بل اللائق بهم، المناسب لأحوالهم حضور جنازتها، واغتنام بركتها، ولا تسمع أكاذيب الرَّافضة المبطلين، الضالين، المضلين.
وقوله:(وكان لعلي من الناس جهة حياة فاطمة)؛ جهة؛ أي: جاه واحترام، كان الناس يحترمون عليًّا في حياتها كرامة لها؛ لأنها بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو مباشر لها، فلما ماتت وهو لم يبايع أبا بكر، انصرف الناس عن ذلك الاحترام، ليدخل فيما دخل فيه الناس، ولا يفرق جماعتهم. ألا ترى أنه لما بايع أبا بكر أقبل الناس عليه بكل إكرام وإعظام؟ !
وقوله:(ولم يكن علي بايع تلك الأشهر)؛ يعني: الستة الأشهر التي عاشتها
(١) رواه أحمد (٥/ ٤٢٢)، والبخاري (٦٠٧٧)، ومسلم (٢٥٦٠)، وأبو داود (٤٩١١)، والترمذي (١٩٣٢).