للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ، فَقَالَ أبو بَكرٍ - رضي الله عنه -: وَاللهِ! لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بَينَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللهِ! لَو مَنَعُونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلتُهُم عَلَى مَنعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: فَوَاللهِ مَا هو إِلَاّ أَن رَأَيتُ اللهَ - عز وجل - قَد شَرَحَ صَدرَ أَبِي بَكرٍ لِلقِتَالِ؛ فَعَرَفتُ أَنَّهُ الحَقُّ.

ــ

من السَّيلان، والحقُّ المستثنَى: هو ما بيَّنه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر بقوله: زنًى بَعدَ إِحصَانٍ، أو كُفرٌ بَعدَ إِيمَانٍ، أو قَتلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ (١)، وسيأتي ذكره في الحدود.

و(قوله: وَحِسَابُهُم عَلَى اللهِ) أي: حسابُ سرائرهم على الله؛ لأنَّه تعالى هو المُطَّلِعُ عليها؛ فَمَن أخلَصَ في إيمانه وأعماله جازاه الله عليها جزاءَ المُخلِصين، ومن لم يُخلِص في ذلك كان من المنافقين، يُحكَمُ له في الدنيا بأحكامِ المسلمين، وهو عند الله مِن أسوأ الكافرين.

ويستفادُ منه: أنَّ أحكامَ الإسلامِ إِنَّما تُدَارُ على الظواهرِ الجليَّة، لا الأسرارِ الخفيَّة.

و(قوله: وَاللهِ لَو مَنَعَونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلتُهُم عَلى مَنعِهِ) اختُلِفَ في هذا العِقَال على أقوال: أولها: أنه الفريضةُ من الإبل؛ رواه ابن وَهبٍ عن مالك، وقاله النَّضرُ بن شُمَيل. وثانيها: أنَّه صَدَقةُ عامٍ؛ قاله الكسائيُّ؛ وأنشد:

سَعَى عِقَالاً فَلَم يَترُك لَنَا سَبَدًا (٢) ... فَكَيفَ لَو قَد سَعَى عَمرٌو عِقَالَين؟ !


(١) لم نجده في كتاب الحدود، وهو عند الدارمي (٢/ ١٧١).
(٢) "سعى": على الصدقة: عَمِل في أَخْذها مِن أربابها. "السَّبَد": البقية من النَّبت، والقليل من الشَّعْر.

<<  <  ج: ص:  >  >>