للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مِن الخَندَقِ وَضَعَ السِّلَاحَ، فَاغتَسَلَ، فَأَتَى جِبرِيلُ وَهُوَ يَنفُضُ رَأسَهُ مِن الغُبَارِ، فَقَالَ: وَضَعتَ السِّلَاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعنَاه! اخرُج إِلَيهِم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: فَأَينَ؟ . فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيظَةَ، فَقَاتَلَهُم رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَنَزَلُوا عَلَى حُكمِ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- الحُكمَ فِيهِم إِلَى سَعدٍ. فقال: فَإِنِّي أَحكُمُ فِيهِم أَن تُقتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَن تُسبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ، وَتُقسَمَ أَموَالُهُم.

ــ

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قوموا إلى سيدكم)، وظاهره: أنه كان خارجًا عن المسجد، وأنه أتى إليه. وهذا إشكال أوجبه اعتقاد اتخاذ المسجد في الموضعين، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قد استدعى سعدًا لمسجده في المدينة، وليس الأمر كذلك، بل كان نازلًا على بني قريظة، ومنها وجه إليه، فيحتمل أن يكون سعد اختط هنالك مسجدًا يصلي فيه، فعبّر الراوي عنه. وقال بعض علمائنا: المسجد هنا تصحيف من بعض الرواة، وإنما اللفظ: فلما دنا من النبي -صلى الله عليه وسلم-، بدليل ما جاء في كتاب أبي داود: فلما دنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكأن الراوي سمع: من النبي -صلى الله عليه وسلم- فتصحف عليه. والله تعالى أعلم.

وقوله: (فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الخندق وضع السلاح، فاغتسل، فأتاه جبريل عليه السلام) هكذا وقع في الرواية: فأتاه- بالفاء- والصواب: طَرحُها؛ فإنه جواب لما، ولا تدخل الفاء في جواب لما، وكأنها زائدة، كما زيدت الواو في جوابها في قول امرئ القيس:

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ... بنا بطن حقفٍ ذي ركام عقنقل

وإنما هو: انتحى، فزاد الواو.

وقوله: (فقاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحكم فيهم إلى سعد)؛ هذا تفسير، فينبغي أن يحمل عليه ما ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>