للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرُبَّمَا قَالَ: قَضَيتَ بِحُكمِ المَلِكِ.

وفي رواية: لَقَد حَكَمتَ بِحكم الله.

رواه أحمد (٣/ ٢٢ و ٧١)، والبخاري (٣٠٤٣) و (٤١٢٢)، ومسلم (١٧٦٨) (٦٤)، وأبو داود (٥٢١٥) و (٥٢١٦).

[١٢٨٧] وعن عروة عَن عَائِشَةَ: أَنَّ سَعدًا قَالَ: وَتَحَجَّرَ كَلمُهُ لِلبُرءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَن لَيسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَن أُجَاهِدَ فِيكَ، مِن

ــ

فهو المصيب، ومن لم يصبه، فهو المخطئ، لكنه لا إثم عليه إذا اجتهد. وقد تقدَّم هذا المعنى. وغاية ما في هذا الحديث: أن بعض الوقائع فيها حكم معين لله، لكن من أين يلزم منه أن يكون حكم كل واقعة كذلك؟ بل يقال: إنها منقسمة إلى ما لله فيه حكم معين، ومنها ما ليس لله فيه ذلك، وتكميل ذلك في علم الأصول.

وقوله: (لقد قضيت بحكم الملك)؛ الرواية بكسر اللام، وهو الله تعالى. وكذلك في الرواية الأخرى: (بحكم الله)، وفي غير كتاب مسلم: (لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع أرقعة) (١)، وهي السماوات، وهو جمع رقيع، كرغيف، وأرغفة. والفوقية هنا راجعة إلى أن الله تعالى أظهر الحكم لمن هناك من ملائكته، أو أثبته في اللوح المحفوظ. ونسبة الفوقية المكانية إلى الله تعالى محال؛ لأنه منزه عن الفوقية، كما هو منزه عن التحتية؛ إذ كل ذلك من لوازم الأجرام، وخصائص الأجسام، ويتقدّس عنها الذي ليس كمثله شيء من جميع الأنام (٢).

وقوله: (وتحجَّر كَلمُهُ للبُرءِ)؛ أي: تجمَّد، وتهيَّأ للإفاقة، فظن عند ذلك أنها


(١) رواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (٢/ ٢٤٠)، وانظر: "عيون الأثر" لابن سيد الناس (٢/ ١٠٩) طبعة دار ابن كثير. تحقيق: محيي الدين مستو، ود. محمد العيد الخطراوي.
(٢) سبق أن أشرنا إلى وجود رأي يناقض ما ذهب إليه القرطبي -رحمه الله- من إثبات العلو لله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>