للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكمِكَ. قَالَ: تَقتُلُ مُقَاتِلَتَهُم، وَتُسبى ذُرِّيَّتَهُم. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: قَضَيتَ بِحُكمِ اللَّهِ.

ــ

وقوله: (أو خيركم)؛ على جهة الشك من الراوي، وفي بعض طرقه في غير كتاب مسلم: (قوموا إلى سيدكم) من غير شك.

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن هؤلاء نزلوا على حكمك)؛ إنما قال له هذا بعد أن رد له الحكم، كما قال في الرواية المتقدمة.

وقوله: (إني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وتسبى الذرية، وتقسم الأموال)؛ إنما حكم فيهم بذلك لعظيم جناياتهم، وذلك: أنهم نقضوا ما بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- من العهد، ومالؤوا عليه قريشًا، وقاتلوه، وسبُّوه أقبح سبٍّ، فاستحقوا ذلك- لعنهم الله-، فلما حكم فيهم سعد بذلك، أخبره بأنه قد أصاب فيهم حكم الله، تنويهًا به، وإخبارًا بفضيلته، وانشراح صدره، وردعًا للقوم الذين سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أن يتركهم، وأن يحسن فيهم (١)، فإنهم كانوا حلفاءهم، فلما جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حكمهم إلى سعد انطلق مواليهم إلى سعد (٢)، فكلموه في ذلك، وقالوا له: أحسن في مواليك، فلما أكثروا عليه، قال: أما إنه قد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم. فلما سمعوا ذلك يئسوا مما طلبوا، وعزّى بعضهم بعضًا في بني قريظة. ومن هاهنا تظهر خصوصية سعد بقوله: (قوموا إلى سيدكم)، وإن الأولى أنه إنما قال ذلك لقومه خاصة دون غيرهم؛ لأن قومه كلهم مالوا إلى إبقاء بني قريظة، والعفو عنهم، إلا ما كان منه رضي الله عنه لا جرم لما مات اهتز له عرش الرحمن. وسيأتي بيان معناه، إن شاء الله تعالى. وفيه دليل لمذهب مالك في تصويب (٣) أحد المجتهدين، وإن لله في الواقع حكمًا معيَّنًا، فمن أصابه


(١) في (ع): إليهم.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٣) في (ع): تجويز.

<<  <  ج: ص:  >  >>