للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود) (١). وعليه حمل قول عمر بن عبد العزيز: إن تقوموا نقم، وإن تقعدوا نقعد، وإنما يقوم الناس لرب العالمين. وقد رويت لعبد الملك جواز قيام الرجل لوالديه، والزوجة لزوجها. ومذهب مالك: كراهية القيام لأحد مطلقًا. واستدل له على ذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من سرَّه (٢) أن يتمثل له الناس قيامًا، فليتبوأ مقعده من النار) (٣). وعليه حمل قول عمر بن عبد العزيز. وقد جاء في كتاب أبي داود مرفوعًا: (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضًا) (٤). ويعتضد هذا: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يقم له أحد، ولا يقوم هو لأحد. هذا هو المنقول من سيرته، وعليه درج الخلفاء رضوان الله عليهم، ولو كان القيام لأحد من العظماء مشروعًا، لكان أحق الناس بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه. ولم فلا.

وتأوَّل بعض أصحابنا حديث: (قوموا إلى سيدكم) على أن ذلك مخصوص بسعد، لما تقتضيه تلك الحال المعينة. وقال بعضهم: إنما أمرهم بالقيام له لينزلوه عن الحمار لمرضه، وفيه بُعد. والله تعالى أعلم.

واختلف تأويل الصحابة فيمن عنى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ هل الأنصار خاصة، أو جميع من حضر من المهاجرين والأنصار؟ وعلى الجملة: فهي قضية معينة، محتملة، والتمسك بالقاعدة المقررة أولى. والله تعالى أعلم.

والسيد: المتقدم على قومه بما فيه من الخصال (٥) الحميدة.


(١) رواه ابن ماجه (٣٨٣٦) بلفظ: "لا تفعلوا كما يفعلُ أهل فارسَ بعظمائها".
(٢) في النسخ: أحب، والمثبت من (ع) و (ج) وسنن الترمذي.
(٣) رواه الترمذي (٢٧٥٥)، وأبو داود (٥٢٢٩)، وابن أبي شيبة (٨/ ٣٩٨).
(٤) رواه أبو داود (٥٢٣٠)، وابن ماجه (٣٨٣٦).
(٥) في (ع) و (ج): الخلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>