للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا، قَالَ: وَمَن تَبِعُهُ؟ أَشرَافُ النَّاسِ أَم ضُعَفَاؤُهُم؟ قَالَ: قُلتُ: بَل ضُعَفَاؤُهُم، قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَم يَنقُصُونَ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا بَل يَزِيدُونَ، قَالَ: هَل يَرتَدُّ أَحَدٌ مِنهُم عَن دِينِهِ بَعدَ أَن يَدخُلَ فِيهِ سَخطَةً لَهُ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا، قَالَ: فَهَل قَاتَلتُمُوهُ؟ قُلتُ: نَعَم، قَالَ: فَكَيفَ كَانَ قِتَالُكُم إِيَّاهُ؟ قَالَ: قُلتُ: تَكُونُ الحَربُ بَينَنَا وَبَينَهُ سِجَالًا، يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنهُ، قَالَ: فَهَل يَغدِرُ؟ قُلتُ: لَا، وَنَحنُ مِنهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمكَنَنِي مِن كَلِمَةٍ أُدخِلُ فِيهَا شَيئًا غَيرَ هَذِهِ، قَالَ: فَهَل قَالَ هَذَا القَولَ أَحَدٌ

ــ

وحسده، وحرصه على إطفاء نوره، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. وفيه ما يدل: على أن الكذب مذموم في الجاهلية، والإسلام، وأنه ليس من خلق الكرام.

و(الحسب): الشرف. والحسيب من الرجال: هو الذي يحسب لنفسه آباء أشرافًا ومآثر جميلة. وهو من الحساب (١)، وهو العدد.

و(السِّجال) مصدر: ساجله، يساجله، سجالًا: إذا ناوبه، وقاومه. وأصله من السجل: وهو: الدلو العظيمة التي لا يستقل واحد برفعها من البئر. وقد فسّر معناه بقوله: يصيب منا، ونصيب منه.

وقوله: (والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة)؛ يعني: أنه كان يعلم من خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوفاء، والصدق، وأنه يفي بما عاهدهم عليه، لكن لما كان المستقبل غير حاصل في وقته ذلك لبَّس بتطريق الاحتمال، تمويهًا بما يعلم خلافه.

وقول هرقل في الضعفاء: (هم أتباع الرسل)، إنما كان ذلك لاستيلاء الرئاسة على الأشراف، وصعوبة الانفكاك عنها، والأنفة من الانقياد للغير، والضعيف خلي عن تلك الموانع (٢)، وهذا غالب أحوال أهل الدنيا، وإلا فقد ظهر أن السُّباق


(١) ساقط من (ع).
(٢) في (ز): المواضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>