وقوله:(فإن كذبني فكذبوه)؛ كذبني- بفتح الذال، وتخفيفها، وبالنون-: يعني: أنه إن كذب لي فأظهروا كذبه، وهو مما يعدى بحرف الجر وبغيره، يقال: كذبته، وكذبت له. و (كذبوه) - مشدد الذال-؛ أي: عرّفوني بكذبه، وأظهروا كذبه، ولذلك أجلس أصحابه خلفه. وإنما سأل عن أقربهم نسبًا منه؛ لأنه أعلم بدخلة أمر صاحبه في غالب الحال. وهذه كلها التفاتات من هرقل تدل على قوة عقله.
وقول أبي سفيان:(وايم الله) هي كلمة محذوفة من (ايمن الله) تستعملها العرب اسمًا مرفوعًا في القسم على الابتداء، والخبر محذوف. وقد اختلف النحويون فيها. هل هي: اسم مفرد همزته همزة وصل، وإنما فتحت همزته لأنه غير منصرف، فخالف جميع همزات الوصل، وهو مذهب سيبويه؟ أو هل هي: جمع يمين، وهمزته همزة قطع؛ لأنها همزة جمع. وهو قول الفراء، وهي عنده جمع يمين؟ وقول سيبويه أشبه، بدليل: أنهم كسروا همزتها، وأنهم تصرَّفوا فيها بلغات مختلفة، منها: ايمن بالكسر، وبالفتح: ايمن. وبحذف النون والهمزة و (١) ضم الميم من (مُّ الله) وكسرها. وقد أبدل بعضهم من الهمزة (هاء)، فقال: هيمن الله. وهذا النحو من التصرف لم تفعله العرب في صيغ الجموع.
وقوله:(لولا أن يُؤثر علي الكذب لكذبتُ عليه)؛ يعني: لولا أن يتحدَّث ويُنقل عنه الكذب. وإنما وقع له هذا في ذلك الوقت لشدَّة عداوته للنبي -صلى الله عليه وسلم-