للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كُنتُ أَعلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَم أَكُن أَظُنُّهُ مِنكُم، وَلَو أَنِّي أَعلَمُ أَنِّي أَخلُصُ إِلَيهِ، لَأَحبَبتُ لِقَاءَهُ، وَلَو كُنتُ عِندَهُ لَغَسَلتُ عَن قَدَمَيهِ، وَلَيَبلُغَنَّ مُلكُهُ مَا تَحتَ قَدَمَيَّ. قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:

ــ

على أن هذا مراده قطعًا الذي بعده فإنه قطع فيه بنبوته، فتأمله.

وقوله: (وقد كنت أعلم أنه خارج)؛ أي: بما في الكتب التي اطلع عليها، والبشائر به، والإخبار بمجيئه، ووقته، وعلاماته.

وقوله: (ولم أكن أظن أنه منكم)؛ كأنه استبعد أن يكون نبي من العرب، لما كانوا عليه من الأعمال الجاهلية، والطبيعة الأمية، والحالة الضعيفة الزرية، وتمسّكًا بكثرة الرسل في الملة الإسرائيلية، وقد كان كل ذلك، لكن جبر الله صدع هذه الأمة؛ بأن اختصهم بهذا الرسول العظيم؛ الذي شرّفهم به، وكرّمهم حتى صيرهم خير أمة، والحمد لله على هذه النعمة.

وقوله: (ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه)؛ هكذا جاءت هذه الرواية عند جميع رواة مسلم، وفيها بُعد. وأوضح منها ما جاء في البخاري: (لتجشمت لقاءه)؛ أي: لتكلفت ذلك على مشقة.

وقوله: (ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه)؛ أي: إكرامًا، واحترامًا، وخدمة.

وقوله: (وليبلغن ملكه ما تحت قدمي)؛ يعني بذلك أرضه التي كان فيها، ومملكته التي كان عليها. وكذلك كان. وهذا منه تحقيق لنبوَّته -صلى الله عليه وسلم-، وعلم بما يفتح الله عليه، وبما ينتهي إليه أمره. ومع ذلك ففي البخاري: أنه استمر على كفره، فنعوذ بالله من علم لا ينفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>