لأنه لم يكن على شريعة عيسى، ولا على غيرها، فلم يتبعه، فلا يحصل له أجر.
وقوله:(فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين)؛ يروى: الأريسيين بالهمزة، وبالياء مكان الهمزة، فأما بالهمزة: فقيل: هم الملوك، وقيل: الأكارون، وهم الفلاحون. قال ابن الأعرابي: أرس، يأرس، أرسا: إذا صار ريسًا. فيكون معناه: إن أعرض عن الدخول في الإسلام كان عليه إثم من اتبعه من رؤساء مملكته ورعاياه. قال أبو عبيد: ليس الفلاحون الزراعون فقط، لكن أراد بهم جميع أهل مملكته؛ لأن كل من يزرع عند العرب فلاح. وأما من رواه بالياء، فقد قيل فيه ما تقدم، فتكون لغتين. وقال بعضهم: يكون من التبختر. يقال: راس، يريس، ريسًا، وريسانًا: إذا تبختر. وراس يروس، روسًا، أيضًا.
قلت: وعلى هذا فيكون المراد به: أن عليه إثم من تكبر على الحق، ولم يدخل فيه من أهل مملكته.
(أهل الكتاب): اليهود، والنصارى، نسبوا إلى الكتابين المنزلين على موسى وعيسى عليهما السلام. (تعالوا) بمعنى: أجيبوا إلى ما دعيتم إليه. وهو الكلمة العادلة المستقيمة، التي ليس فيها ميل عن الحق، وقد فسرها بقوله:{أَلا نَعبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشرِكَ بِهِ شَيئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضًا أَربَابًا مِن دُونِ اللَّهِ}(أرباب) جمع: رب. وقد تقدَّم تفسيره. و (دون): هنا بمعنى: غير. {فَإِن تَوَلَّوا} أعرضوا عمَّا دعوا إليه. {فَقُولُوا اشهَدُوا بِأَنَّا مُسلِمُونَ}؛ أي: متصفون بدين الإسلام، منقادون لأحكامه، معترفون بما لله علينا في ذلك من المنن، والإنعام.