للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَامَ سَعدُ بنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو أَمَرتَنَا أَن نُخِيضَهَا البَحرَ لَأَخَضنَاهَا، وَلَو أَمَرتَنَا أَن نَضرِبَ أَكبَادَهَا إِلَى بَركِ الغِمَادِ لَفَعَلنَا. قَالَ: فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ، فَانطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدرًا، وَوَرَدَت عَلَيهِم رَوَايَا قُرَيشٍ، وَفِيهِم غُلَامٌ أَسوَدُ لِبَنِي الحَجَّاجِ فَأَخَذُوهُ، فَكَانَ أَصحَابُ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَسأَلُونَهُ عَن أَبِي سُفيَانَ وَأَصحَابِهِ، فَيَقُولُ: مَا لِي عِلمٌ بِأَبِي سُفيَانَ، وَلَكِن هَذَا أَبُو جَهلٍ، وَعُتبَةُ، وَشَيبَةُ، وَأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ في الناس. فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ، فَقَالَ: نَعَم، أَنَا أُخبِرُكُم: هَذَا أَبُو سُفيَانَ، فَإِذَا تَرَكُوهُ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: مَا لِي بِأَبِي سُفيَانَ عِلمٌ، وَلَكِن هَذَا

ــ

تكليم المهاجرين إنما كان ليستخرج ما عند الأنصار من خروجهم معه للحرب، وذلك: أنهم إنما كانوا بايعوه ليمنعوه من الأحمر والأسود، ولم يأخذ عليهم أن يخرجوا معه، فأراد أن يعلم ما عندهم من ذلك، فعرض عليهم ذلك، فأجابوه بالجواب الذي ذكره سعد بن عبادة، الذي حصل لهم به المقام المحمود، والشرف المشهود.

و(بَرك الغِمَاد): موضع بأقاصى هجر، بينه وبينهم بُعد عظيم. والرواية المشهورة فيه (بَرك) بفتح الباء بواحدة وسكون الراء. و (الغِمَاد) بكسر الغين المعجمة. وقيده شيوخ أبي ذر في البخاري: بكسر الباء. وقال بعض اللغويين: هو الصواب. وضبطه الأصيلي: بفتح الراء وسكونها. أعني: راء (برك). وحكى ابن دريد: الكسر، والضم في غين (الغماد)، والصحيح المشهور؛ الأول.

وفي ضرب الصحابة للغلام، وإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- إيَّاهم عليه. ما يدل على جواز ضرب الأسير، وتعزير المتهم إذا كان هنالك سبب يقتضي ذلك، وأنه يضرب في التعزير فوق العشرة، خلافًا لمن أبى ذلك، وقال: لا يضرب فوق العشرة. وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>