للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٣٠١] وعَن أَنَسٍ: أَنَّ قُرَيشًا صَالَحُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِيهِم سُهَيلُ بنُ عَمرٍو، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ: اكتُب: بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ. قَالَ سُهَيلٌ: أَمَّا بِسمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم، فَمَا نَدرِي بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ،

ــ

أخرى: (ولا يحسن أن يكتب). فقال جماعة بجواز هذا الظاهر عليه، وأنه كتب بيده. منهم: السمناني، وأبو ذر، والباجي. ورأوا: أن ذلك غير قادح في كونه: أمِّيًا، ولا معارض لقوله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتلُو مِن قَبلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} ولا لقوله: (إنا أمة أميِّة، لا نكتب ولا نحسب) (١)؛ بل رأوه زيادة في معجزاته، واستظهارًا على صدقه، وصحة رسالته. وذلك: أنه كتب من غير تعلم الكتابة، ولا تعاط لأسبابها، فكان ذلك خارقًا للعادة، كما أنه -صلى الله عليه وسلم- عَلِم عِلم الأولين والآخرين من غير تعلُّم، ولا اكتساب، فكان ذلك أبلغ في معجزاته، وأعظم في فضائله، هذا لو فرض أنه علم الكتابة كلها، وداوم عليها، فكيف ولم يرو عنه قط أنه كتب في غير ذلك الموطن الخاص، بل لم يفارق ما كان عليه من عدم معرفته بالكتابة حالة كتابته تلك، وإنما أجرى الله تعالى على يده، وقلمه حركات كانت عنها خطوط مفهومها: (ابن عبد الله) لمن قرأها (٢)، ثم هل كان عالِمًا في تلك الحال بنظم تلك الحروف الخاصة؛ كل ذلك محتمل. وعلى التقديرين: فلا يزول عنه اسم الأمي بذلك؛ ولذلك قال الراوي عنه في هذه الحالة: (ولا يحسن أن يكتب). فبقي عليه اسم الأمي مع كونه قال: (كتب). وقد أنكر هذا كثير من متفقهة الأندلس وغيرهم، وشدّدوا النكير فيه، ونسبوا قائله إلى الكفر. وذلك دليل: على عدم العلوم النظرية، وعدم التوقف في تكفير المسلمين، ولم يتفطنوا لأن تكفير المسلم كقتله،


(١) رواه أحمد (٢/ ٤٣ و ٥٢)، ومسلم (٧٦١)، وأبو داود (٢٣١٩)، والنسائي (٥/ ١٣٩).
(٢) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>