للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَاغفِر فِدَاءً لَكَ مَا اقتَفَينَا ... وَثَبِّت الأَقدَامَ إِن لَاقَينَا

وَأَلقِيَن سَكِينَةً عَلَينَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَينَا

ــ

أي: زائدًا فيه حرف. وصوابه من جهة الوزن: لا هم، تالله، أو: والله، كما جاء في الحديث الآخر:

والله لولا الله ما اهتدينا.

وقوله: (فاغفر فِداءٌ لك ما اقتفينا)؛ الرواية هنا بكسر الفاء من (فِداء) وبالمد. وقد رواه بعضهم بفتح الفاء والمد، وقد حكاه الأصمعي. وحكى الفراء: فَدًى- مفتوحًا مقصورًا- وهو- أعني في البيت- مرفوع بالابتداء، خبره: ما اقتفينا، ومفعول (اغفر) محذوف، أي: ذنوبنا. ويجوز أن يكون (ما اقتفينا) مفعول (اغفر) (١)، وخبر المبتدأ محذوف؛ أي: فداء لك نفوسنا (٢).

ومعنى (اقتفينا) أي: اكتسبنا. وأصله: من القفا. وكأن المكتسب للشيء يجري خلفه، حتى يصل إليه. وهذا الكلام إنما يقال لمن تجوز عليه لحوق المكاره والمشقات، فإذا قاله أحدنا لجنسه، كان معناه: إن نفسي وقاية لك من المكاره؛ أي: تصيبني ولا تصيبك. وهذا المعنى لا يليق بالله تعالى، فيحتمل أن يكون إطلاقه هذا اللفظ على الله تعالى بحكم جريان ذلك على ألسنتهم من غير قصد، كما قالوا: قاتله الله. وتربت يمينك. كما قدمناه في كتاب الطهارة. ويحتمل أن يحمل على الاستعارة. ووجهها: أنه لما كان الفداء مبالغة في رضا المفدى عبَّر بالفداء عن الرضا. أو يريد بذلك: فداء لدينك. أو: لطاعتك؛ أي: نجعل نفوسنا فداء لإظهارهما.

وقوله: (إنا إذا صيح بنا أبينا) من الإباء. و (أتينا) من الإتيان. الروايتان صحيحتان، ومعناهما: إذا صاح بنا أعداؤنا أبينا الفرار، وبتنا لا يهولنا صياحهم. وعلى الأخرى: إذا صرخ بنا أتينا للنصرة، وإذا صاح بنا أعداؤنا أتيناهم مسرعين غير متربصين ولا متوقفين.

وقوله: (وألقين سكينة علينا)؛ أي: سكونًا وتثبيتًا في أوقات الحروب،


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (هـ).
(٢) ساقط من (هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>