للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَةٍ: فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رسولَ الله، إِن فَعَلتَ، قَلَّ الظَّهرُ، وَلَكِنِ ادعُهُم بِفَضلِ أَزوَادِهِم، ثُمَّ ادعُ اللهَ لَهُم عَلَيهَا بِالبَرَكَةِ. وفيها: حَتَّى اجتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِن ذَلِكَ شَيءٌ يَسِيرٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهم: خُذُوا فِي أَوعِيَتِكُم، قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوعِيَتِهِم حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي العَسكَرِ وِعَاءً إِلا مَلَؤوهُ، قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضَلَت فَضلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَشهَدُ أَن لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لَا يَلقَى اللهَ بِهِمَا عَبدٌ غَيرَ شَاكٍّ، فَيُحجَبَ عَنِ الجَنَّةِ.

رواه مسلم (٢٧).

ــ

بإضمار أن بعد الفاء في جواب النفي، وهو الأظهر والأجود، وفي الرفع إشكال؛ لأنه يرتفعُ على أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوفٍ تقديره: فهو يُحجَبُ، وهو نقيضُ المقصود، فلا يستقيمُ المعنى حتى تقدَّر لا النافيةُ، أي: فهو لا يُحجَبُ، ولا تحذف لا النافية في مِثلِ هذا، والله أعلم.

وظاهرُ هذا الحديث: أنَّ مَن لقي الله وهو يشهَدُ أن لا إله إلا الله وحده (١)، دخَلَ الجنة، ولا يدخُلُ النار، وهذا صحيحٌ فيمن لقي اللهَ تعالى بَرِيئا من الكبائر. فأمَّا مَن لقي الله تعالى مرتكبَ كبيرةٍ ولم يَتُب منها، فهو في مشيئة الله تعالى التي دَلَّ عليها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} وقد جاءتِ الأحاديثُ الكثيرة الصحيحة المفيدةُ بكثرتها حصولَ العلم القطعيِّ: أنَّ طائفةً كثيرة مِن أهلِ التوحيد يَدخُلُونَ النار، ثُمَّ يُخرَجُونَ منها بالشفاعةِ، أو بالتفضُّلِ المعبَّرِ عنه بالقَبضَةِ في الحديث الصحيح (٢)، أو بما شاء الله تعالى، فدلَّ ذلك على أنَّ الحديثَ المتقدِّمَ ليس على ظاهره، فيتعيَّن تأويلُهُ، ولأهل العلم فيه تأويلان:


(١) من (ط).
(٢) رواه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>