[٢٣] وعَن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن قَالَ أَشهَدُ أَن لَا إِلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبدُ اللهِ، وَابنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ، وَرُوحٌ مِنهُ، وَأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ
ــ
أحدهما: أنَّ هذا العموم يرادُ به الخصوصُ مِمَّن يعفو اللهُ تعالى عنه مِن أهلِ الكبائر ممَّن يشاء الله تعالى أن يَغفِرَ له ابتداءً مِن غير توبةٍ كانت منهم، ولا سَبَبٍ يقتضي ذلك غيرَ محضِ كَرَمِ الله تعالى وفضله؛ كما دَلَّ عليه قوله تعالى: وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ. وهذا على مذهبِ أهلِ السُّنَّة والجماعة؛ خلافًا للمبتدعة المانعين تَفَضُّلَ الله تعالى بذلك، وهو مذهبٌ مردودٌ بالأدلَّة القطعية العقليَّة والنقلية، وبسطُ ذلك في عِلمِ الكلام.
وثانيهما: أنَّهم لا يُحجَبون عن الجنّةِ بعد الخروج من النار، وتكونُ فائدتُهُ الإخبارَ بخلودِ كلِّ مَن دخل الجنةَ فيها، وأنَّه لا يُحجَبُ عنها، ولا عن شيءٍ مِن نعيمها، والله تعالى أعلم.
و(قوله: وَأَنَّ عِيسَى عَبدُ اللهِ، وَابنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ) هذا الحديثُ مقصودُهُ إفادةُ التنبيه على ما وقَعَ للنصارَى من الغلط في عيسى وأُمِّهِ عليهما السلام، والتحذيرُ عن ذلك، بأنَّ عيسى عبد الله لا إلهٌ ولا وَلَدٌ، وأُمُّهُ أَمَةٌ الله تعالى، ومملوكةٌ له لا زوجةٌ، تعالى الله عما يقولُ الجاهلون علوًّا كبيرًا! .
ويستفادُ من هذا ما يُلَقَّنُهُ النصرانيُّ إذا أسلم. وقد اختُلِفَ في وصف عيسى بكونِهِ كلمةً، فقيل: لأنَّه تكوَّنَ بكلمة كن من غير أبٍ. وقيل: لأنَّ المَلَكَ جاء أُمَّهُ بكلمة البِشَارة به عن أمر الله تعالى. وهذان القولان أشبَهُ ما قيل في ذلك.
ومعنى ألقاها، أي: أعلَمَهَا بها، يقالُ: ألقَيتُ عليكَ كلمةً، أي: أعلمتُكَ بها.
وسمِّي عيسى رُوحَ الله؛ لأنَّه حدَثَ عن نَفخَةِ المَلَك، وإضافَة الله تعالى إليه؛ لأنَّ ذلك النفخَ كان عَن أمره وقدره، وسُمِّيَ (١) النفخُ رُوحًا؛ لأنّه ريحٌ يخرُجُ من