الرُّوح؛ قاله المَكِّيُّون. وقيل: سُمِّي بذلك عيسى؛ لأنَّه رُوحٌ لمن اتَّبعه. وقيل: لأنَّه تعالى خلَقَ فيه الرُّوحَ مِن غير واسطة أب؛ كما قال في آدم: وَنَفَختُ فِيهِ مِن رُوحِي قاله الحَربِيُّ.
و(قوله: أَدخَلَهُ اللهُ مِن أَيِّ أَبوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ) ظاهر هذا يقتضي أنَّ قولَ هذه الكلماتِ يقتضي دخولَ الجنَّة، والتخييرَ في أبوابها، وذلك بخلافِ ما ظَهَر من حديث أبي هريرة الآتي في كتاب الزكاة؛ فإنَّ فيه ما يقتضي أنَّ كلَّ مَن كان مِن أهل الجنَّة إنما يدخُلُ من الباب المعيَّن للعمل الذي كان يعمله غالبًا الداخُل؛ فإنَّه قال فيه: فَمَن كَانَ مِن أهل الصَّلَاةِ، دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَن كَانَ مِن أهل الصِّيَامِ، دُعِيَ مِن بَابِ الصِّيَامِ، وَهَكَذَا الجِهَادُ (١).
والتوفيقُ بين الظاهرَين: أنَّ كُلَّ مَن يدخلُ الجَنَّةَ مخيَّرٌ في الدخول من أيِّ بابٍ شاء، غيرَ أنَّهُ إذا عُرِضَ عليه الأفضلُ في حقِّه، دخَلَ منه مختارًا للدخولِ منه مِن غير جَبرٍ عليه، ولا مَنعٍ له مِنَ الدخولِ من غيره؛ ولذلك قال أبو بكر - رضي الله عنه -: مَا عَلَى مَن يُدعَى مِن تِلكَ الأَبوابِ مِن ضُرُورَةٍ، والله أعلم.
و(قوله: عَلَى مَا كَانَ مِن عَمَلٍ) أي: يدخُله الجنَّةَ ولا بُدَّ، سواء كان عملُهُ صالحًا أو سيِّئًا، وذلك بأن يَغفِرَ له السَّيِّئ؛ بسبب هذه الأقوال، أو يُربِيَ ثوابَهَا على ذلك العمل السيِّئ. وكُلُّ ذلك يحصُلُ إن شاء الله لمن مات على تلك الأقوال، إمَّا مع السلامة المُطلَقَةِ، وإمَّا بعد المؤاخَذَة بالكبائِرِ على ما قرَّرناه آنفًا.
(١) رواه البخاري (١٨٩٧)، ومسلم (١٠٢٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.