للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّجَّارِ، فَدُرتُ بِهِ، هَل أَجِدُ لَهُ بَابًا؟ فَلَم أَجِد، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدخُلُ فِي جَوفِ حَائِطٍ مِن بِئرٍ خَارِجَةٍ - وَالرَّبِيعُ: الجَدوَلُ - فَاحتَفَزتُ، فَدَخَلتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: أبو هُرَيرةَ؟ فَقُلتُ: نَعَم يَا رسولَ الله، قَالَ: مَا شَأنُكَ؟ قُلتُ: كُنتَ بَينَ أَظهُرِنَا، فَقُمتَ، فَأَبطَأتَ عَلَينَا، فَخَشِينَا أَن تُقتَطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعنَا، فَكُنتُ أَوَّلَ مَن فَزِعَ، فَأَتَيتُ هَذَا الحَائِطَ، فَاحتَفَزتُ كَمَا يَحتَفِزُ الثَّعلَبُ، وَهَؤُلاءِ النَّاسُ وَرَائِي، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيرَةَ! - وَأَعطَانِي

ــ

يُقتَطَعَ دُونَنَا، ثم رتَّب فَزِعنَا عليه بفاء التعقيب المُشعِرَةِ بالتسبُّب، والفَزَعُ: لفظٌ مشترك ينطلقُ على ذَينِكَ المعنيَينِ، وعلى الإغاثة.

و(قوله: فَاحتَفَزتُ كَمَا يَحتَفِزُ الثَّعلَبُ) رواه عامَّةُ الشيوخ في المواضع الثلاثة بالراء من الحَفر، ورُوِيَ عن الجُلُوديِّ: بالزاي؛ وكأنَّه الصواب، ويعني به: أنَّه تضامَمَ وتصاغَرَ ليسعه الجدول، ومنه حديث عليٍّ: إذا صَلَّتِ المرأةُ، فلتحتَفِز (١)، أي: لِتَضَامَّ وتَنزَو (٢) إذا سجدَت.

و(قوله: كُنتَ بَينَ أَظهُرِنَا) أي: بيننا، ورواه الفارسي: ظَهرَينَا. وقال الأصمعي: العربُ تقولُ: بين ظَهرَيكُم وظَهرَانَيكُم؛ قال الخليل: أي: بينكم.

و(قوله: وَهَؤُلاءِ النَّاسُ من وَرَائِي) يعني به: النفر الذين كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام عنهم، وأخذوا في طلبه، وهم المعنيُّون للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا - بقوله: فَمَن لَقِيتَ مِن وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشهَدُ أَن لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ مُستَيقِنًا بِهَا قَلبُهُ، فَبَشِّرهُ بِالجَنَّةِ؛ فإنَّه قيَّده بقوله: مَن لَقِيتَ مِن وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ، ولا شكَّ في أنَّ أولئك هم (٣) مِن


(١) ذكره أبو عبيد في غريبه (٢/ ٣٠٥) والزمخشري في الفائق (١/ ٤٠٢) وابن الأثير في النهاية (١/ ٤٠٧).
(٢) "تنزو": تجتمع وتتضام بعضها إلى بعض.
(٣) من (م) و (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>