للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَعلَيهِ - فقَالَ: اذهَب بِنَعلَيَّ هَاتَينِ، فَمَن لَقِيتَ مِن وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشهَدُ أَن لَا إِلهَ إِلَاّ اللهُ مُستَيقِنًا بِهَا قَلبُهُ، فَبَشِّرهُ بِالجَنَّةِ، وكَانَ أَوَّلَ مَن لَقِيتُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعلَانِ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ ! قُلتُ: هَاتَانِ نَعلَا رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، بَعَثَنِي بِهِمَا، مَن لَقِيتُ يَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلا اللهُ مُستَيقِنًا بِهَا قَلبُهُ، بَشَّرتُهُ بِالجَنَّةِ. قَالَ: فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِيهِ بَينَ ثَديَيَّ، فَخَرَرتُ لاِستِي، فَقَالَ: ارجِع يَا أَبَا هُرَيرَةَ! فَرَجَعتُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَجهَشتُ بُكَاءً، وَرَكِبَنِي عُمَرُ، فَإِذَا هو عَلَى أَثَرِي، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟ ! قُلتُ: لَقِيتُ عُمَرَ،

ــ

أهل الجنة، وهذا ظاهرُ اللفظ. ويَحتمِلُ أن يقال: إنَّ ذلك القيدَ مُلغًى، والمراد: هم وكُلُّ مَن شاركهم في التَّلفُّظِ بالشهادتَينِ واستيقانِ القلبِ بهما؛ وحينئذٍ: يُرجَعُ إلى التأصيلِ والتفصيل الذي ذكرناه في البابِ قبلَ هذا.

وفي دفع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة بنعلَيه: دليلٌ على جوازِ عَضدِ المُخبِرِ الواحد بالقرائن؛ تقويةً لخبره وإن كان لا يُتَّهَمُ. وفيه اعتبارُ القرائنِ والعلامات، والعملُ على ما يقتضيه من الأعمالِ والأحكام.

واليَقِينُ: هو العلمُ الراسخُ في القلب الثابتُ فيه، يقال منه: يقِنتُ الأمرَ، بالكسر، معناه أيقنتُ واستيقَنتُ وتيقَّنتُ، كلُّه بمعنًى واحدٍ، وربَّما عبَّروا عن الظنِّ باليقين، وباليقين عن الظن؛ قال الشاعر (١):

تَحَسَّبَ هَوَّاسٌ وَأَيقَنَ أَنَّنِي ... بِهَا مُفتَدٍ مِن وَاحِدٍ لَا أُغَامِرُه

يقولُ: تشمَّم الأَسَدُ ناقتي يظُنُّ أنَّني أفتدي بها مِنهُ وأتركُهَا له ولا أقاتلُهُ، قاله الجوهريُّ.

وقال غيره: اليقينُ هو السكونُ مع الوضوح؛ يقال: يَقِنَ الماءُ، أي: سَكَنَ وظهَرَ ما تحته.

و(قوله: وَرَكِبَنِي عُمَرُ) أي: اتَّبَعَنِي في الحالِ مِن غير تربُّص، وضَربُ عُمَرَ


(١) هو أبو مسعدة الأسدي، ويقال: الهجيمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>