[١٤٠٤] وعَنه أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال: يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثنَينِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ.
رواه مسلم (١٨٢٦)، وأبو داود (٢٨٦٨)، والنسائي (٦/ ٢٥٥).
* * *
ــ
وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر إنك ضعيف؛ أي: ضعيف عن القيام بما يتعّين على الأمير من مراعاة مصالح رعيته الدنيوية والدينية، ووجهُ ضعف أبي ذر عن ذلك أنّ الغالب عليه كان الزهد واحتقار الدنيا وترك الاحتفال بها، ومَن كان هذا حاله لم يعتن بمصالح الدنيا ولا بأموالها اللذَين بمراعاتهما تنتظم مصالح الدين ويتم أمره. وقد كان أبو ذر أفرط في الزهد في الدنيا، حتى انتهى به الحال إلى أن يُفتِيَ بتحريم الجمع للمال وإن أُخرِجَت زكاته، وكان يرى أنه الكنز الذي توَعَّد اللَّهُ عليه بِكَيِّ الوجوه والجنوب والظهور، وقد قدّمنا ذلك في كتاب الزكاة، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم منه هذه الحالة نَصَحَهُ ونهاه عن الإمارة وعن ولاية مال الأيتام، وأكَّد النصيحة بقوله وإنّي أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، وغلَّظَ الوعيد بقوله وإنّها أي الإمارة خزيٌّ وندامة أي: فضيحة قبيحة على مَن لم يؤدِّ الأمانة حقّها ولم يقم لرعيته برعايتها، وندامة على تقلدها وعلى تفريطه فيها، وأمّا من عدل فيها وقام بالواجب منها {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} وهو من السبعة الذين يظلهم الله في