للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقُولُ: إِنَّ من شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ، فَإِيَّاكَ أَن تَكُونَ مِنهُم! فَقَالَ لَهُ: اجلِس، فَإِنَّمَا أَنتَ مِن نُخَالَةِ أَصحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: وَهَل كَانَت لَهُم نُخَالَةٌ! إِنَّمَا كَانَت النُّخَالَةُ بَعدَهُم وَفِي غَيرِهِم.

رواه أحمد (٥/ ٦٤)، ومسلم (١٨٣٠).

[١٤٠٨] وعَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ،

ــ

وقوله إن من شرِّ الرّعاء، الرّعاء جَمع راع، كقاضٍ وقضاةٍ ورامٍ ورُماةٍ؛ وهو المُراعي للشيء والقائم بحفظه.

والحطمة هنا يعني الذي يشق على رعيته ويُلقي بعضها (١) على بعض، ومنه (٢) سُميت جهنّم الحطمة، وأصلها من الحَطمِ وهو كسر الحطام، وقيل: هو الأكول - يقال رجل حطمة إذا كان كثير الأكل.

وهذا الكلام من عائذ بن عمرو وعظ ونصيحة وذكرى لو صادفت مَن تنفعه الذكرى، لكنها صادفت غليظ الطبع والفهم ومن إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، فلقد غلب عليه الشقاء (٣) والجهالة حتى جعل فيمن اختاره الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم الحثالة ونسبهم إلى النُّخالة والرُّذالة، فهو معهم على الكلمة التي طارت وحلت: رمتني بدائها وانسلّت! ولقد أحسن عائِذ في الردّ عليه حيث أسمعه من الحق ما ملأ قلبه وأصمَّ أُذنيه، فقال - ولم يبال بهجرهم: وهل كانت الحثالة إلا بعدهم وفي غيرهم!

حثالة الشيء ورُذَالتُهُ وسقطُهُ: شِرارُهُ.

وقوله إنما الإمام جُنَّة، المَجَنُّ والجُنَّةُ والجَانُّ والجَنَّةُ والجِنَّةُ - كله راجع إلى معنى السِّتر والتَّوَقِّي؛ يعني أنه يُتَّقى بنظره ورأيه في الأمور


(١) في (ج ٢): بعضًا على بعض.
(٢) في (ع) و (ج): وبه.
(٣) في (ج) و (ج ٢): الجفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>