للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَيئًا، قَد أَبلَغتُكَ! لَا أُلفِيَنَّ أَحَدَكُم يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رسول الله أَغِثنِي! فَأَقُولُ: لَا أَملِكُ لَكَ شَيئًا، قَد أَبلَغتُكَ!

رواه أحمد (٢/ ٤٢٦)، والبخاريُّ (٣٠٧٣)، ومسلم (١٨٣١) (٢٤).

* * *

ــ

ولا يحرّق رَحلُهُ، ولم يثبت عندهم ما روي عن ابن عمر من أنه يُحرّق رحلُهُ ويُحرم سهمه؛ لأنه مما انفرد به صالح بن محمد عن سالم، وهو ضعيف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُحرِّق رَحلَ الذي وجد عنده الخرزة والعباءة. وقال قوم بمقتضى ذلك الحديث: يُحَرَّقُ رحلُه ومتاعُه كله - وهو قول مكحول والحسن والأوزاعي، وقال: إلا سلاحه وثيابه التي عليه. وقال الحسن: إلا الحيوان والمصحف. قال الطحاوي: ولو صحّ حديث ابن عمر لَحُمل على أنه كان ذلك لَمَّا كانت العقوبة في الأموال، وذلك كله منسوخ.

وقوله لا أملك لك شيئًا، قد أبلغتك! ؛ أي: لا أملك لك مغفرةً ولا شفاعةً إلَاّ إذا أذن الله له في الشفاعة، فكأنَّ هذا القول منه أبرزه غضب وغيظ، ألا ترى قوله قد أبلغتك أي ليس لك عذر بعد الإبلاغ.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم بما قد جبله الله تعالى عليه من الرأفة والرَّحمة والخلق الكريم لا يزال يدعو الله تعالى ويرغب إليه في الشفاعة حتى يأذن الله تعالى له في الشفاعة، فيشفع في جميع أهل الكبائر من أمته حتى تقول خزنة النار: يا محمد، ما تركت لربك في أمتك من نقمة (١)، كما قد صحّ عنه.

وفي هذا الحديث ما يدلّ على أن العقوبات في الآخرة تناسب الذنوب المكتسبة في الدنيا، وقد تكون على المقابلة، كما يحشر المتكبرون أمثال الذر في صور الرجال.


(١) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الأهوال" كما في النهاية لابن كثير (٢/ ٢٠٤ - ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>