للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انطلقنَ فَقَد بَايَعتُكُنَّ. وَلَا وَاللَّهِ مَا مَسَّت يَدُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَدَ امرَأَةٍ قَطُّ، غَيرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالكَلَامِ. قَالَت عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

رواه البخاري (٤٨٩١)، ومسلم (١٨٦٦) (٨٨)، والترمذيُّ (٣٣٠٣).

ــ

وحكى أهل التفسير أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة جلس على الصَّفا وبايع النساء، فتلا عليهنَّ الآية، فجاءت هند - امرأة أبي سفيان - متنكرة، فلمَّا سمعت {وَلا يَسرِقنَ} قالت: قد سرقت من مال هذا الشيخ. قال أبو سفيان: ما أصبت فهو لك. ولَمَّا سمعت {وَلا يَزنِينَ} قالت: وهل تزني الحرَّة؟ فقال عمر: لو كانت قلوب نساء العرب على قلب هند ما زنت امرأة منهنَّ. ولَمَّا سمعت {وَلا يَقتُلنَ أَولادَهُنَّ} قالت: ربيناهم صغارًا فقتلتموهم كبارًا! ولَمَّا سمعت {وَلا يَأتِينَ بِبُهتَانٍ يَفتَرِينَهُ بَينَ أَيدِيهِنَّ وَأَرجُلِهِنَّ} قالت: والله إن البهتان لأمرٍ قبيح، ما تأمر إلا بالرشد ومكارم الأخلاق. ولما سمعت {وَلا يَعصِينَكَ (١) فِي مَعرُوفٍ} قالت: ما جلسنا هنا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.

والمعروف هنا: الواجبات الشرعية التي يُعَصَّى من تركها.

وقوله تعالى: فَبَايِعهُنَّ؛ أي بالكلام كما فعل، {وَاستَغفِر لَهُنَّ اللَّهَ}؛ أي: سل الله لهن المغفرة فإنه غفور بتمحيق ما سلف رحيم بتوفيق ما ائتُنِفَ.

وما قالته عائشة رضي الله عنها من أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مَسَّت يده يد امرأة إلَاّ امرأة يملكها (٢)، وإنّما يبايع النساء بالكلام - هو الحقّ والصدق، وإذا كان


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في الأصول واستُدرك من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٨/ ٧٢).
(٢) ما بين حاصرتين ورد في صحيح البخاري حديث رقم (٧٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>