للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (١/ ١٧٥)، والبخاري (٥٠٧٣)، ومسلم (١٤٠٢)، والترمذي (١٠٨٣)، والنسائي (٦/ ٥٨)، وابن ماجه (١٨٤٨).

* * *

ــ

الاختصاء (١)؟ وهو قطع عضوين شريفين بهما قوام النسل، وفي قطعهما ألم عظيم لا يجوز لأحد أن يُدخِلَهُ على نفسه، وضررٌ عظيم ربما يفضي بصاحبه إلى الهلاك، وهو محرمٌ بالاتفاق.

والجواب: إن ذلك لازم من حيث إن مطلق التبتل يتضمنه، وكأنَّ قائل ذلك وقع له: أنَّ التبتل الحقيقي الذي تؤمن معه شهوة النساء هو الخصاء. فكأنّه أخذ بأكثر مما يدل عليه الاسم. وقولكم: هو ألم عظيم مُسَلَّم، لكنه مُغتفرٌ في جنب صيانة الدّين، فقد يُغتفر الألم العظيم في جنب ما هو أعظم منه، كقطع اليد للأكلة، وكالكيِّ، والبَطِّ (٢)، وغير ذلك. وقولكم: هو مُفض إلى الهلاك غالبًا، غير مُسلَّم، بل نقول: وقوعُ الهلاك منه نادرٌ، فلا يُلتَفتُ إليه، وخصاء البهائم يشهد لذلك. وما ذكرناه إنما هو تقدير ما وقع لسعدٍ، ولا يُظَنُّ أن ذلك يجوز لأحدٍ اليوم، بل هو محرّم بالإجماع. وكلُّ ما ذكرناه مبنيٌّ على الأخذ بظاهر: (لاختصينا)، ويحتمل أن يريد به سعدٌ: لمنعنا أنفسنا من النساء منع المختصي. والظاهر هو الأول، والله الموفق.

وحديث أنس وسهلٍ يدلان على أن التزويج أفضل من التفرغ للعبادة. وهو أحد القولين المتقدمين. ويمكن أن يقال: كان ذلك في أول الإسلام، لما كان النساء عليه من المعونة على الدِّين والدنيا، وقلة الكلف، والتعاون على البر والتقوى، والحنوّ، والشفقة على الأزواج. وأمَّا في هذه الأزمان فنعوذ بالله من


(١) في (ج ٢): الخصاء.
(٢) البَطُّ: الشَّق، يقال: بط الدُّمَّل ونحوه: شقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>