شيء مما ذكر فيها، كما ذكر من أن حديث عائشة تفرّد به سليمان بن موسى؛ فإنه إمام ثقة، وهو الأشدق، ولم يكن في أصحاب مكحول أحفظ منه. قال البزار: هو أحفظ من مكحول. وقال: هو أَجَلُّ من ابن جريج. وكما قيل عن ابن جريج: أنه سأل ابن شهاب عن هذا الحديث فأنكره. وهذا لا يلتفت إليه؛ لأن هذه الحكاية أُنكرت على ابن عليَّة، وهو الذي أوردها، ولو صحّت، فلم ينكر ابن شهاب الحديث إنكار قطع بتكذيبه، بل إنكار ناسٍ، والراوي عنه ثقة جازم في الرواية، فينبغي للزهري أن يقول: حدثني فلان عني بكذا، كما قد حكي عنه: أنه قال في مثل هذا: حدثني مالك عني. وكل هذا نسيان، وليس بدعًا في الإنسان. وبسط الكلام فيه في كتب الخلاف.
وكل ما ذكر أيضًا حجة على من قال: إن صحة عقد النكاح موقوفة على إجازة القاضي، وبه قال الأوزاعي، ومحمد بن الحسن، وأبو يوسف. وأنَصُّ ما في الردّ على هؤلاء حديث معقل.
و(قوله: والبكر تستأمر) هكذا وقع في حديث ابن عباس، وفي حديث أبي هريرة:(الأيِّم تستأمر، والبكر تستأذن) وهو أتقن مساقًا من حديث ابن عباس (١)؛ لأن (تستأمر) معناه: يُستدعى أمرها. وهذا يظهر منه أن يصدر منها بالقول ما يُسَمَّى: أمرًا. وهذا ممكن من الثيّب؛ لأنها لا يلحقها من الخجل والانقباض ما يلحق البكر. فلا يكتفى منها إلا بنطق يدلّ على مرادها صريحًا. وأمّا (تستأذن) فإنه يقتضي أن يظهر منها ما يدلّ على رضاها وإذنها بأي وجه كان، من سكوت، أو غيره، ولا تُكلَّف النُّطق؛ ولذلك لما قال في حديث ابن عباس:(لا تنكح البكر حتى تستأذن) أشكل عليهم كيفية إذنها، فسألوا فأجيبوا: بأنَّ إذنها