للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: وَالبِكرُ يَستَأذِنُهَا أَبُوهَا.

رواه مسلم (١٤٢١)، وأبو داود (٢٠٩٨)، والترمذي (١١٠٨)، والنسائي (٦/ ٨٤).

ــ

أن تسكت. وهذا منه صلى الله عليه وسلم مراعاة لتمام صيانتها، ولإبقاء حالة الاستحياء، والانقباض عليها، بأن ينظر لها في ذلك المحل ما هو أصون لها، وأليق بها، فإنها لو تكلمت تصريحًا لظن أن ذلك رغبة منها في الرجال. وهذا غير لائق بالبكر، بل هو مُنقِصٌ لها، ومُزَهِّدٌ فيها، بخلاف الثَّيب.

وقد استحب علماؤنا أن تُعَرَّف البكر أن سكوتها محمول منها على الإذن، ليكون ذلك زيادة في تعريفها، وتنبيهًا لها على ما يخاف أن تجهله. وقد كان بعض من لقيناه من الفقهاء يقول لها بعد عرض الزوج والمهر عليها: إن كنتِ راضية فاصمتي، وإن كنت كارهة فتكلَّمي. وهو تنبيه حسن.

و(قوله في الرواية الأخرى: والبكر يستأذنها أبوها) هذه الزيادة من رواية ابن أبي عمر. قال أبو داود: وليست بمحفوظة. وعلى تقدير صحة هذه الزيادة، فمحملُها على الاستحباب، لا على الإيجاب؛ بدليل الإجماع المنعقد على أن للأب إنكاح ابنته الصغيرة وإجبارها عليه بغير إذنها. وكذلك السيّد في أَمَتِه. وقد أبدى بعض أصحابنا لاستئذان الأب لابنته البكر فائدة، وهي: تطييب قلبها، واستعلام حالها، فقد تكون موصوفةً بما يخفى على الأب مما يمنع النكاح، فإذا استأذنها أعلمته.

وقد روى أبو داود من حديث أبي هريرة من طريق صحيحة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها) (١) وفي رواية: (فإن بكت أو سكتت). قال: وليس ذلك بمحفوظ.


(١) رواه أبو داود (٢٠٩٣)، والترمذي (١١٠٩)، والنسائي (٦/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>