للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: وتفسير حديث أبي داود مقيدٌ لمطلق البكر الذي جاء في حديث مسلم وغيره، ومبيّن أن استئذان الأب البكر ليس بواجب، وإنما يجب ذلك في اليتيمة باتفاق.

ثم اختلف القائلون باشتراط الولي، هل يكتفى في صحة العقد بوجود ولي، أيِّ وليٍّ كان، من غير مراعاة لولاية خاصة ولا عامة، أو لا بدّ من مراعاة الخاصّة على مراتبها، فإن فقدت رُجع للعامة؟ قولان:

وللأول ذهب أبو ثور، وقال: كل مَن وَقَعَ عليه اسم وليٍّ فله أن ينكح. وقاله بعض علمائنا. وحكاه ابن المنذر عن مالك. والجمهور على القول الثاني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيُّما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) ثم قال بعد ذلك: (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) (١). فاقتضى: أن ولاية القرابة مقدّمة على ولاية السلطان. وإذا كان كذلك كان أحرى أن تكون مُقدَّمة على ولاية الدين، وهو واضحٌ. ويقول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: (لا تنكح المرأة إلا بإذن وليّها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان).

ثم اختلف المرتِّبون فيما إذا أنكح الأبعد مع وجود الأقعد (٢) في الولاية الخاصة فيمن يستأذن؟ على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه يفسخ على كل حال. وبه قال المغيرة.

وثانيها: أن الأقعد مخيَّر في فسخه أو إجازته. وعليه جماعة من أصحابنا. ومأخذ خلافهما: أن الفسخ لحقِّ الله، فلا بدّ منه، أو لحق الولي فله إجازته وفسخه.


(١) سبق تخريجه (ص ١١٦).
(٢) "الأقعد": الأقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>