للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٤٧٣] وعَن عَائِشَةَ قَالَت: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِسِتِّ سِنِينَ،

ــ

وثالثها: أنه ماضٍ، ولا مقال للولي الخاص. وهو قول مالك. وهو بناءٌ على أنَّ مراعاة المراتب من باب الأَولى، والأحسن، والله تعالى أعلم.

وقول عائشة رضي الله عنها: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لستِّ سنين). وفي الرواية الأخرى: وهي بنت سبع سنين. ظاهر هاتين الروايتين الاختلاف. فيمكن أن يقال: إن ذلك تقدير لا تحقيق، ويمكن أن يقال: إن ذلك كان في أوائل السنة السابعة. فيكون (١) معنى قولها: (لست سنين) انقضت.

و(قولها: وهي بنت سبع سنين) أي: هي فيها، والله تعالى أعلم.

وهذا الحديث مستند الإجماع على أن الأب يجبر البكر الصغيرة على النكاح. وإذا جاز ذلك في الأنثى التي لا تملك حلَّ العقد عن نفسها، فلأن يجوز في الصغير؛ الذي يملك حلَّ العقد عن نفسه عند بلوغه أحرى وأولى.

وما ذكرناه جارٍ على مذهب مالك والشافعي، وفقهاء أهل الحجاز. وأمَّا أهل العراق فقالوا: لها الخيار إذا بلغت، إلا أبا يوسف، فإنه قال: لا خيار لها.

ثم اختلفوا في غير الأب، من وليٍّ أو وصيٍّ، هل له أن يجبر أم لا؟ فمنع الجمهور ذلك؛ غير أن الشافعي جعل الجدَّ بمنزلة الأب، وغير ما روي عن مالك في الوصي على الإنكاح: أنه يجبر - في أحد قوليه - وهو الذي حكاه الخطَّابي عن مالك (٢)، وعن حمَّاد بن أبي سلمة، وقاله شريح، وعروة بن الزبير. والمشهور عن مالك المنع من ذلك. وقال أبو حنيفة وأصحابه، والأوزاعي، وجماعة من السلف بجواز ذلك. وليس بصحيح؛ لما يختصّ به الأب من فرط الشَّفقة، والاجتهاد في ابتغاء المصلحة، فإنه يختصُّ من ذلك بما لا يوجد في غيره غالبًا. ويكفي هذا فارقًا مانعًا من الإلحاق.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع) و (ج) واستدركناه من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>