للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتِمًا مِن حَدِيدٍ، وَلَكِن هَذَا إِزَارِي. قَالَ سَهلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَا تَصنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِن لَبِستَهُ لَم يَكُن عَلَيهَا مِنهُ شَيءٌ، وَإِن لَبِسَتهُ لَم يَكُن عَلَيكَ مِنهُ شَيءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ

ــ

والذي حمل أصحابنا على تأويل هذا الحديث قوله تعالى: {أَن تَبتَغُوا بِأَموَالِكُم مُحصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ} والدرهم، وأقل منه تافه لا يُقال عليه مالٌ عُرفًا، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: (لم تكن يد السَّارق تقطع في الشيء التافه) وإن كان يقال على من أخذه خفية: سارق. وهي التي قالت: (لم تكن يد السَّارق تقطع في أقل من ثلاثة دراهم). ففرَّقت بين التافه وغير التافه بهذا المقدار. وهي أعرفهم بالمقال، وأقعدهم بالحال.

و(الإزار): ثوب يُشَدُّ على الوسط. و (الرداء): ما يُجعل على الكتفين. و (اللحاف): ما يُلحَفُ به جميع الجسد.

و(قول سهل: ما له رداء، فلها نصفه) ظاهره: لو كان له رداء لَشَرَكَها النبي صلى الله عليه وسلم فيه. وهذا في وَجه لزومه بُعدٌ؛ إذ ليس في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا في كلام الرَّجل ما يدلّ على شيء من ذلك. ويمكن أن يقال: إن مُراد سهل: أنَّه لو كان عليه رداء مضافًا إلى الإزار؛ لكان للمرأة نصف ما عليه؛ الذي هو إمَّا الرداء، وإمَّا الإزار. ألا ترى تعليله منع إعطاء الإزار بقوله: (إن لبِستَه لم يكن عليها منه شيء، وإن لبِسَتهُ لم يكن عليك منه شيء) فكأنه قال: لو كان لك ثوبٌ تنفرد أنت بلبسه، وثوبٌ آخر تأخذه هي، تنفرد بلبسه لكان لها أَخذُهُ، فأمَّا إذا لم يكن ذلك فلا.

وفيه ما يدل على أن المهر الأولى فيه أن يكون معجلًا مقبوضًا، وهو الأولى عند العلماء باتفاق. ويجوز أن يكون مؤخَّرًا على ما يدلُّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>