للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(اذهب فقد زوجتكها بما (١) معك من القرآن، فعلِّمها). فإنه قد انعقد النكاح، وتأخر المهر الذي هو التعليم. وهذا على الظاهر من قوله: (بما معك من القرآن) (٢). فإنَّ الباء للعِوض، كما تقول: خُذ هذا بهذا؛ أي: عوضًا عنه.

و(قوله: علِّمها) نصٌّ في الأمر بالتعليم. والمَسَاقُ يشهد بأنَّ ذلك لأجل النكاح. ولا يُلتفت لقول من قال: إن ذلك كان إكرامًا للرَّجل بما حفظه من القرآن؛ فإن الحديث يُصَرِّح بخلافه. وقول المخالف: إن الباء بمعنى اللام، ليس بصحيح لغةً، ولا مساقًا. وكذلك لا يُعَوّل على قول الطحاوي والأبهري: إنَّ ذلك كان (٣) مخصوصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم كما كان مخصوصًا بجواز الهبة في النكاح لأمور:

أحدها: مساق الحديث. وهو شاهد لنفي الخصوصية.

وثانيها: قول الرَّجُل: زوجنيها، ولم يقل: هبها لي.

وثالثها: قوله صلى الله عليه وسلم: (اذهب، فقد زوجتكها بما معك من القرآن، فعلِّمها).

ورابعها: إن الأصل التمسُّك بنفي الخصوصية في الأحكام.

وفي هذا الحديث من الفقه: جواز اتخاذ خاتم الحديد. وقد أجازه بعض السلف، ومنعه آخرون لقوله صلى الله عليه وسلم فيه: (حلية أهل النار) (٤). ورأوا أن المنع هو المتأخر عن الإباحة.

وفيه ما يدلّ على جواز كون الصَّداق منافع. وبه قال الشافعي، وإسحاق، والحسن بن حَيٍّ، ومالك في أحد قوليه. وكرهه أحمد، ومالك في القول الثاني. ومنعه أبو حنيفة في الحُرِّ، وأجازه في العبد، إلا أن تكون الإجارة تعليم القرآن، فلا يجوز بناءً على أصله في: أنَّ تعليم القرآن لا يؤخذ عليه


(١) في (ع): على ما.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٣) في (ج ٢): إن معنى جَعْل تعليم القرآن كان. . .
(٤) رواه أبو داود (٤٢٢٣)، والترمذي (١٧٨٦)، والنسائي (٨/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>