قلت: ومعتمد أهل الظاهر في التسوية بين الوليمة وغيرها في وجوب إتيان الوليمة وغيرها؛ مُطلق أوامر هذا الباب؛ لقوله:(إذا دعيتم فأجيبوا)(وإذا دعا أحدكم أخاه فليجب، عرسًا كان أو نحوه).
و(قول أبي هريرة: فقد عصى الله ورسوله). وكأنَّ الجمهور صرفوا هذه المطلقات إلى وليمة العرس؛ لقوله:(أجيبوا هذه الدَّعوة) يعني: وليمة العرس، كما جاء في الرواية الأخرى:(إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس) ويعتضد هذا بالنظر إلى المقصود من الوليمة ومن غيرها. فإنَّ الوليمة يحصل فيها إشاعة النكاح، وإعلانه. وهو مقصود مهمٌّ للشرع. وليس ذلك موجودًا في غيرها، فافترقا.
وكلُّ هذا: ما لم يكن في الدعوة منكر، فإن كان، فلا يجوز حضورها عند كافة العلماء. وقد شذَّ أبو حنيفة، وبعضهم، فقالوا: بجواز الحضور. فأما لو كان هناك لَعِبٌ مباح، أو مكروهٌ، فالأكثر على جواز الحضور، وعندنا فيه قولان. وكره مالك لأهل الفضل والهيئات التسرع لإجابة الدَّعوات، وحضور مواضع اللهو المباح.
و(قوله: فإن شاء طعم، وإن شاء ترك) هذا صريح في أن الأكل في الوليمة