للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله.

رواه البخاريُّ (٥١٧٧)، ومسلم (١٤٣٢)، وأبو داود (٣٧٤٢).

* * *

ــ

أكثرُ الرواة والأئمة على رواية هذا الحديث موقوفًا على أبي هريرة. وقد انفرد برفعه زياد بن سعد عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (شرُّ الطَّعام. . .) وذكره. وهو ثقة إمام، وأيضًا فمن وقفه ذكر فيه ما يدلُّ: على أنه مرفوع؛ وذلك أنه قال فيه: (ومن لم يجب الدَّعوة فقد عصى الله ورسوله) (١) وظاهر هذا: الرفعُ؛ لأنَّ الرَّاوي لا يقول مثل هذا من قِبَل نفسه. وقد تبيّن في سياق الحديث أنَّ الجهة التي يكون فيها طعام الوليمة شرُّ الطعام: إنما هي ترك الأَولى. وذلك: أن الفقير هو المحتاج للطعام؛ الذي إن دُعي سارعَ وبادرَ، ومع ذلك فلا يُدعَى. والغنيُّ غير محتاج، ولذلك قد لا يجيب، أو تثقل عليه الإجابة، ومع ذلك فهو يدعى، فكان العكس أولى. وهو: أن يُدعى الفقير، ويُترك الغني. ولا يُفهم من هذا القول - أعني: الحديث -: تحريم ذلك الفعل؛ لأنه لا يقول أحد بتحريم إجابة الدعاء للوليمة فيما علمته؛ وإنما هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (شرُّ صفوف الرِّجال آخرها، وخيرها أولها، وشرُّ صفوف النساء أولها، وخيرها آخرها) (٢) فإنَّه لم يقل أحد: إن صلاة الرجل في آخر صف حرام، ولا صلاة النساء في أول صف حرام. وإنَّما ذلك من باب ترك الأولى. كما قد يقال عليه: مكروه، وإن لم يكن مطلوب الترك، على ما يُعرَف في الأصول. فإذًا الشرُّ المذكور هنا: قلةُ الثواب والأجر. والخير: كثرة الثواب والأجر.


(١) في (ج ٢): ومن لم يأت.
(٢) رواه أحمد (٢/ ٣٣٦)، ومسلم (٤٤٠)، وأبو داود (٦٧٨)، والنسائي (٢/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>