للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّجُلُ امرَأَتَهُ مِن دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا كَانَ الوَلَدُ أَحوَلَ فَنَزَلَت: نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتُوا حَرثَكُم أَنَّى شِئتُم.

ــ

جنب على عادتهن، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتُوا حَرثَكُم أَنَّى شِئتُم} (١)؛ أي: مُقبِلات، ومُدبرات، ومُستلقيات؛ يعني بذلك موضع الولد.

قلت: هذان سببان مختلفان، لا بُعدَ في نزول الآية جوابًا للفريقين في وقت واحد، وتكرَّر نزول الآية في وقتين مختلفين، كما قد روي عن غير واحد من النقلة في الفاتحة: أنها تكرر نزولها بمكة والمدينة. وقد تمسَّك طائفة بعموم لفظ: {أَنَّى شِئتُم} ورأوا أنَّها متناولة لقُبُلِ المرأة ودُبُرِها. فأجازوا وطء المرأة في دبرها. وممن نُسب إليه هذا القول سعيد بن المسيِّب، ونافع، وابن الماجشون من أصحابنا. وحكي عن مالك في كتاب يُسمَّى: كتاب السرّ، ونسب الكتاب إلى مالك، وحذاق أصحابه ومشايخهم ينكرونه. وقد حكى العُتبِيُّ (٢) إباحة ذلك عن مالك. وأظنه من ذلك الكتاب المنكر نَقل. وقد تواردت روايات أصحاب مالك عنه بإنكار ذلك القول وتكذيبه لمن نقل ذلك عنه. وقد حكينا نصَّ ما نقل عن مالك من ذلك في جزء كتبناه في هذه المسألة سَمَّيناه: إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار، وذكرنا فيه غاية أدلة الفريقين، ومتمسكاتهم من الكتاب والسنة على طريقة التحقيق، والتحرير، والنقل، والتحبير. ومن وقف على ذلك قضى منه العَجب العُجاب، وعلم أنه لم يكتب مثله في هذا الباب. وجمهور السلف، والعلماء، وأئمة الفتوى على تحريم ذلك. ثم نقول: لا متمسك للمبُيحين في الآية لأوجه متعددة؛ أقربها ثلاثة أمور:


(١) رواه أبو داود (٢١٦٤).
(٢) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن حميد. . الأموي السفياني العتبي القرطبي المالكي، صاحب كتاب "العُتْبِيَّة" توفي سنة (٢٥٥ هـ) انظر السِّير (١٢/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>