للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٤٩٦] وعَنه قَالَ: أَصَبنَا سَبَايَا فَكُنَّا نَعزِلُ، ثُمَّ سَأَلنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَن ذَلِكَ. فَقَالَ لَنَا: وَإِنَّكُم لَتَفعَلُونَ؟ وَإِنَّكُم لَتَفعَلُونَ؟ (ثلاثا) مَا مِن نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ.

رواه مسلم (١٤٣٨) (١٢٧).

ــ

متمسّكين بالطريقة المتقدمة. وبقوله صلى الله عليه وسلم: (ذلك الوأد الخفيّ) (١).

قلت: وتشبيه العزل بالوأد المُحَرَّم يقتضي أن يكون محرمًا. ووجه التشبيه بينهما: أنهم كانوا في الجاهلية يدفنون البنات أحياء، يقتلونهن بذلك؛ خشية المعَرَّة، ومنهم من كان يفعل ذلك بالإناث والذكور خشية الفقر. كما هو ظاهر قوله تعالى: {وَلا تَقتُلُوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ} والإملاق: الفقر؛ على أنَّه قد قيل: إن الأولاد هنا هم البنات. فإذًا الوأد: رفع الموجود والنسل. والعزل: مَنع أصل النَّسل. فتشابها، إلَاّ أن قتل النفس أعظم وزرًا، وأقبح فعلًا؛ ولذلك قال بعض علمائنا: إنه يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم في العزل: (إنه الوأد الخفي): الكراهة، لا التحريم.

وذهب مالك والشافعي: إلى أن العزل عن الحرَّة لا يجوز إلا بإذنها. وكأنهم رأوا: أن الإنزال من تمام لذتها، ومن حقها في الولد، ولم يريا ذلك في الموطوءة بالمِلك، فله أن يعزل عنها بغير إذنها؛ إذ لا حقَّ لها في شيء مما ذكر.

قلت: ويمكن على هذا المذهب الثالث أن يجمع بين الأحاديث المتعارضة في ذلك. فتُصيَّر الأحاديث التي يُفهم منها المنع: إلى الزوجة الحُرَّة، إذا لم تأذن، والتي يُفهم منها الإباحة إلى الأمةِ والزوجة، إذا أَذِنت. فيصحّ الجميع، ويرتفع التعارض، والله تعالى أعلم.

و(قوله: وإنكم لتفعلون - ثلاثا -) ظاهره: الإنكار، والزَّجر. غير أنَّه


(١) رواه أحمد (٦/ ٣٦١ و ٤٣٤)، ومسلم (١٤٤٢)، وابن ماجه (٢٠١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>