وفي رواية: لَا عَلَيكُم ألَا تَفعَلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ القَدَرُ. قال محمد بن المثنى: لا عليكم. أقرب إلى النهي.
رواه أحمد (٣/ ٦٨)، والبخاريُّ (٢٥٤٢)، ومسلم (١٤٣٨)(١٢٥)، وأبو داود (٢١٧٢).
ــ
يعني: أنَّ منهم من وقع سؤاله قبل أن يعزل، ومنهم من وقع سؤاله بعد أن عزل. ويحتمل أن يكون معنى:(كنا نعزل) أي: عَزَمنا على ذلك. فيرجع معناها إلى الأولى.
و(قوله: وقد سئل عن العزل: لا عليكم ألَاّ تفعلوا). العَزلُ: هو أن يُنَحِّي الرَّجلُ ماءه عند الجماع عن الرَّحم، فيلقيه خارجه. والذي حرَّكهم للسؤال عنه: أنهم خافوا أن يكون مُحَرَّمًا؛ لأنَّه قطعٌ للنَّسل، ولذلك أطلق عليه: الوأد الخفي.
واختلف في قوله:(لا عليكم ألَاّ تفعلوا) ففهمت طائفةٌ منه: النهي والزجر عن العزل؛ كما حُكي عن الحسن، ومحمد بن المثنى. وكأنَّ هؤلاء فهموا من (لا) النهي عما سئل عنه، وحذف بعد قوله:(لا) فكأنَّه قال: لا تعزلوا، وعليكم ألَاّ تفعلوا. تأكيدا لذلك النهي. وفهمت طائفة أخرى منها الإباحة، وكأنَّها جعلت جواب السؤال قوله:(لا عليكم ألا تفعلوا) أي: ليس عليكم جناح في أن لا تفعلوا.
وهذا التأويل أولى بدليل قوله:(ما من نسمة كائنة إلا ستكون) وبقوله: (لا عليكم ألَاّ تفعلوا، فإنما هو القدر) وبقوله: (إذا أراد الله خلق الشيء لم يمنعه شيء) وهذه الألفاظ كلها مصرَّحة بأنَّ العزل لا يَرُدُّ القَدَرَ، ولا يضره. فكأنه قال: لا بأس به. وبهذا تمسَّك من رأى إباحة العزل مطلقا عن الزوجة والسُّرِّيَّة، وبه قال كثير من الصحابة، والتابعين، والفقهاء. وقد كرهه آخرون من الصَّحابة وغيرهم