للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَرَدنَا أَن نَستَمتِعَ، وَنَعزِلَ فَقُلنَا: نَفعَلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَينَ أَظهُرِنَا لَا نَسأَلُهُ؟

ــ

منهن، وأن الفداء المُتخوَّف مِن فَوتِه بوطئهنَّ إنما هو أثمانهن.

وقد دلَّ على صحة هذا التأويل نصُّ ما جاء في رواية الزهري عن ابن محيريز، عن أبي سعيد قال: (جاء رجلٌ من الأنصار، فقال: يا رسول الله! إنَّا نصيب سبيًا، ونحب الأثمان، فكيف بالعزل؟ ) وَوَجهُ تخوّفهم من فوات الثمن بالوطء: أنهنَّ إذا حملنَ؛ لم يصح لهم بيعهنّ لكونهنّ حوامل من ساداتهن. وأمَّا بعد انفصال حملهن؛ فلكونهنّ أمهات أولادٍ، على ما صار إليه الجمهور، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

ثم إنَّا نقول: لو سلَّمنا أن ظاهر ذلك الحديث جواز الإقدام على وطء المسبيَّات من غير إسلام، لزم منه جواز الإقدام على وطئهنَّ من غير استبراء، ومع وجود الحمل البيِّن، وهو ممنوع اتفاقًا، فيلزم المنعُ من الوطء؛ لاستوائهما في الظهور.

وأيضًا: فكما نعلم قطعًا أنهم كانوا لا يقدمون على وطء فرج لا تتحقَّقُ حلِّيته، فكذلك نعلم: أنهم لا بدَّ لهم من استبراءٍ وإسلام. وإن كان الراوي قد سكت عنه. وسكوت الراوي؛ إمَّا للعلم بها. وإمَّا لأنَّ الكلام يُجمل في غير مقصود، ويُفَصَّلُ في مقصوده.

والذي يزيح الإشكال ويرفعه جملة واحدة ما رواه عبد الرزاق بإسناده عن الحسن قال: (كنَّا نغزو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها، واغتسلت، ثم علَّمها الإسلام، وأمرها بالصَّلاة، واستبرأها بحيضة، ثم أصابها) (١).

وكذلك روى عبد الرزاق أيضًا عن سفيان الثوري: أنه قال: (السُّنَّة ألَاّ يقع أحدٌ على مشركة حتى تُصلي ويستبرئها، وتغتسل).

وهذه أدلَّة تدلُّ على صحة ما اخترناه، والموفق الإله.

و(قوله: فأردنا أن نستمتع ونعزل) وفي الرواية الأخرى: (فكنَّا نعزل)


(١) رواه عبد الرزاق (٧/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>