للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٥٠٤] وعَن سَعدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعزِلُ عَن امرَأَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: لِمَ تَفعَلُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ

ــ

الاسم من الغَيل. وإذا دخلت عليه الهاء فليس إلا الكسر، وإذا حُذفت الهاء فليس إلا الفتح في الغين. وقال بعضهم: يقال: الغَيلة - بالفتح - للمرة الواحدة من الغَيل. وللغويين في تفسيرها قولان:

أحدهما: أن الغِيلة هي: أن يجامع الرَّجل امرأته وهي تُرضع. حُكي معناه عن الأصمعي. يقال منه: غال الرَّجل المرأةَ، وأغالها، وأغيلها.

وثانيهما: أنَّها أن تُرضع المرأة وهي حامل. يقال منه: غالت، وأغالت، وأغيلت؛ قاله ابن السِّكِّيت.

قلت: والحاصل: أن كل واحد منهما (١) يقال عليه: (غيلة) في اللغة، وذلك: أن هذا اللفظ كيفما دار إنما يرجع إلى الضرر، والهلاك؛ ومنه تقول العرب: غالني أمرُ كذا؛ أي: أضرَّ بي. وغالته الغول؛ أي: أهلكته. وكلُّ واحدة من الحالتين المذكورتين مضرَّة بالولد. ولذلك يصح أن تحمل الغيلة في الحديث على كل واحد منهما.

فأمَّا ضرر المعنى الأول: فقالوا: إن الماء - يعني: المني - يغيلُ اللَّبن؛ أي: يفسده. ويُسأل عن تعليله أهل الطبِّ.

وأمَّا الثاني: فضرره بيِّنٌ محسوسٌ. فإن لبن الحامل داءٌ وعلَّة في جوف الصبي، يظهر أثره عليه. ومراده صلى الله عليه وسلم بالحديث: المعنى الأول، دون الثاني؛ لأنه هو الذي يحتاج إلى نظر في كونه يضرُّ الولد؛ حتى احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن ينظر إلى أحوال غير العرب؛ الذين يصنعون ذلك. فلمَّا رأى أنَّه لا يضرُّ أولادهم لم يَنه عنه.

وأمَّا الثاني: فضرره معلومٌ للعرب وغيرهم، بحيث لا يحتاج إلى نظر، ولا فكر.

وإنما هَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الغيلة لما أكثرت العرب من اتقاء ذلك،


(١) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>