والتحدُّث بضرره، حتى قالوا: إنه ليدرك الفارس فيدعثره عن فرسه.
وقد روي ذلك مرفوعًا من حديث أسماء ابنة يزيد، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقتلوا أولادكم سرًّا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه)(١). ذكره ابن أبي شيبة. ثم لما حصل عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يضرّ أولاد العجم؛ سوى بينهم وبين العرب في هذا المعنى، فسوَّغه. فيكون حجة لمن قال من الأصوليين: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحكم بالرأي والاجتهاد. وقد تقدم ذلك.
وقول السائل عن العزل:(أشفق على ولدها) يعني: أخاف إن لم أعزل أن تَحمِل فيضرَّ ذلك ولدها، على ما تقدَّم. ويحتمل: أنَّه يخاف فساد اللَّبن بالوطء. على ما ذكرناه آنفًا.
و(قوله: لو كان ذلك ضارًّا ضرَّ فارس والرُّوم) دليل على أنَّ الأصل في نوع الإنسان المساواة في الجبلَاّت والخَلق، وإن جاز اختلاف العادات والمناشئ. وفيه حجة على إباحة العزل، كما تقدَّم، والله تعالى أعلم.
* * *
(١) رواه أحمد (٦/ ٤٥٨)، وأبو داود (٣٨٨١)، وابن ماجه (٢٠١٢).