للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٦/ ٣٤٠)، ومسلم (١٤٥١) (١٨ و ٢٠)، والنسائي (٦/ ١٠٠ و ١٠١)، وأبو داود (٢٠٦٤)، والترمذي (١١٥٣).

ــ

قلت: لم يقل أحدٌ فيما علمت بظاهر ذلك (١) الحديث إلا داود. فإنَّه قال: أقل ما يُحرِّم ثلاث رضعات، ولا تُحرِّم الرضعة ولا الرضعتان. وهو تمسُّكٌ بدليل الخطاب. وذهب الشافعي: إلى أن أقل ما يقع به التحريم خمس رضعات، أخذًا بحديث عائشة الآتي. وشذَّت طائفة، فقالت: أقل ما يقع به التحريم عشر رضعات. تمسُّكًا بأنَّه كان فيما أنزل: عشر رضعات. وكأنهم لم يبلغهم الناسخ. وذهب مَن عدا هؤلاء من أئمة الفتوى إلى أن الرضعة الواحدة تُحَرِّم إذا تحققت؛ متمسِّكين بأقل ما ينطلق عليه اسم الرَّضاع. ولا شك في صدق الاسم في مثل قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرضَعنَكُم وَأَخَوَاتُكُم مِنَ الرَّضَاعَةِ} وفي قوله: (يحرم من الرَّضاعة ما يحرم من النَّسب) (٢) على القليل، كما صدق على الكثير. وعُضِّدَ هذا بما وُجِد من العمل عليه في المدينة. فقد روى مالك عن عروة، وسعيد بن المسيب، وابن شهاب: أن القطرة الواحدة تُحَرِّم. وقد عُضِّدَ ذلك بقياس الرَّضاع على الصِّهر بعلّة: أنه طارئ يقتضي تأبيد الحرمة (٣)، فلا يشترط فيه العدد، كالصِّهر (٤). أو يقال: مائع يلج الباطن محرمٌ، فلا يشترط فيه عدد كالمني. واعتذر عن تلك الأحاديث بأمور:

أحدها: أنه ليس عليها العمل. قال مالك: ليس العمل على حديث: (ثم نُسِخنِ بخمس معلومات). وهذا إنما يتمشَّى على مذهب من يقول: إن العمل أولى من الخبر. وهو مذهب مالك وأصحابه على تفصيل يعرف في الأصول.


(١) في (ج ٢): هذا.
(٢) سبق تخريجه في أحاديث الباب.
(٣) في (ج ٢): التحريم.
(٤) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>