وثانيها: أنها أحاديث مضطربة متعارضة، الأعداد؛ فيها: عشر، وخمس، وثلاث. فوجب تركها، والتمسَّك بالأصل.
وثالثها: أن عائشة رضي الله عنها ذكرت: (في عشر رضعات، ونسخها في خمس)(١): أن ذلك كان بالقرآن، ولم يتواتر إلينا، فليست بقرآن، ولا رفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيكون خبرًا من أخبار الآحاد، فلا يصلح التمسُّك به، كما ذكر في الأصول.
وغاية ما يحمل عليه حديث عائشة: أن ذلك كان كذلك، ثم نُسخ كُلُّ ذلك تلاوةً وحُكمًا، والله تعالى أعلم.
وأمَّا حديث:(لا تُحَرِّمُ المصَّة ولا المصَّتان) فهو أنصُّ ما في الباب، غير أنه يمكن أن يُحمل على ما إذا لم يتحقق وصول اللَّبن إلى جوف الرَّضيع. ويؤيد هذا التأويل قوله:(عشر رضعات معلومات) و (خمس معلومات). فوَصفُهَا بالمعلومات إنما هو تحرُّز مما يتوهم، أو يشك في وصوله إلى الجوف من الرضعات. ويفيد دليل خطابه: أن الرضعات إذا كانت غير معلومات لم تُحرِّم. وقال بعضهم: لعل هذا حين كان يشترط في التحريم العشر والعدد، فلما نسخ ارتفع ذلك كلُّه، والله تعالى أعلم.