للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي لَفظٍ آخَرَ: لَا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ.

رواه أحمد (٣/ ١٧٧ و ٢٠٧ و ٢٧٥)، والبخاري (١٥)، ومسلم (٤٤)، والنسائي (٨/ ١١٤ - ١١٥)، وابن ماجه (١٦٧).

ــ

شخصٍ، ولا يجدُ محبَّته، ولأنَّ عمر لَمَّا سمع قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لَا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن نَفسِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ، قَال عمر: يَا رَسُولَ اللهِ! أَنتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن كُلِّ شَيءٍ إِلَاّ نَفسِي، فَقَالَ: وَمِن نَفسِكَ يَا عُمَرُ، قَالَ: وَمِن نَفسِي، فَقَالَ: الآنَ يَا عُمَرُ (١).

وهذا كلُّه تصريحٌ بأنَّ هذه المحبَّةَ ليست باعتقاد تعظيم، بل ميلٌ إلى المعتقَدِ وتعظيمُهُ وتعلُّقُ القلبِ به، فتأمَّل هذا الفرق؛ فإنَّه صحيحٌ، ومع ذلك فقد خَفِيَ على كثيرٍ من الناس. وعلى هذا المعنى الحديث - والله أعلم - أنَّ مَن لم يجد مِن نفسه ذلك الميلَ، وأرجحيَّتَهُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَكمُل إيمانُهُ.

على أنِّي أقولُ: إنَّ كلَّ مَن صدَّق بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وآمَنَ به إيمانًا صحيحًا، لم يَخلُ عن وِجدَانِ شيء من تلك المحبَّة الراجحةِ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ غير أنّهم في ذلك متفاوتون؛ فمنهم: مَن أخذ تلك الأرجحيّةِ بالحظِّ الأوفى؛ كما قد اتَّفَقَ لعمر حتى قال: ومِن نَفسِي، ولهندٍ امرأةِ أبي سفيان حين قالت للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: لَقَد كَانَ وَجهُكَ أَبغَضَ الوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، فَقَد أَصبَحَ وَجهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ. . الحديث، وكما قال عمرو بن العاص: لَقَد رَأَيتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِن رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا أَجَلَّ فِي عَينِي مِنهُ، وَمَا كُنتُ أُطِيقُ أَن أَملَأَ عَينَيَّ مِنهُ إِجلَالاً لَهُ، وَلَو سُئِلتُ أَن أَصِفَهُ، مَا أَطَقتُ؛ لِأَنِّي لَم أَكُن أَملَأُ عَينَيَّ مِنهُ (٢)، ولا شَكَّ في أنَّ حظَّ أصحابِهِ من


(١) رواه أحمد (٤/ ٣٣٦).
(٢) رواه مسلم (١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>