أحدها: أن ذلك مخالف للقواعد؛ منها: قاعدة الرَّضاع؛ فإن الله تعالى قد قال:{وَالوَالِدَاتُ يُرضِعنَ أَولادَهُنَّ حَولَينِ كَامِلَينِ لِمَن أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فهذه أقصى مدَّة الرضاع المحتاج إليه عادة، المعتبر شرعًا، فما زاد عليه بمدَّة مؤثرةٍ غير محتاج إليه عادةً، فلا يعتبر شرعًا؛ لأنه نادر، والنادر لا يحكم له بحكم المعتاد.
ومنها: قاعدة تحريم الاطلاع على العورة؛ فإنه لا يختلف في أن ثدي الحرَّة عورة، وأنَّه لا يجوز الاطلاع عليه، لا يقال: يمكن أن يرضع ولا يطلع؛ لأنَّا نقول: نفس التقام حَلَمَةَ الثدي بالفم اطّلاع، فلا يجوز.
ومنها: أنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الرَّضاعة من المَجَاعة)(١). وهذا منه صلى الله عليه وسلم تقعيد قاعدة كلية؛ تُصرِّح بأن الرَّضاعة المعتبرة في التحريم؛ إنما هي في الزمان الذي تغني فيه عن الطعام، وذلك إنما يكون في الحولين وما قاربهما. وهو الأيام اليسيرة بعد الحولين عند مالك. وقد اضطرب أصحابه في تحديدها. فالمكثر يقول: شهرًا. وكأن مالكا يشير: إلى أنه لا يفطم الصبي في دفعة واحدة، في يوم
(١) رواه البخاري (٢٦٤٧)، ومسلم (١٤٥٥)، وأبو داود (٢٠٥٨)، والنسائي (٦/ ١٠٢).