يقول: لا يختص بذلك واحدة منهن، بل يقضي لسائر نسائه بمثل ذلك، تمسُّكًا منه بمطلق الأمر بالعدل بينهن. ولا يتم له ذلك؛ لأنه مخصّص بهذا الحديث وشبهه.
وقد يقال: إذا كان الحكم: أن للثيب ثلاثًا، وللبكر سبعًا؛ فكيف خيرها بين التسبيع والتثليث؟ ثم إن اختارت التسبيع سبّع لنسائه، وسقط حقها من الثلاث.
ويجاب عن ذلك: بأن ظاهر قوله: (للثيب ثلاث، وللبكر سبع) أن ذلك حق للزوجة. وهو أحد القولين عند مالك رحمه الله في هذا. فإذا رضيت بإسقاطه سقط، فكأنه عرض عليها: أنها إن اختارت السبع سقط حقها من الثلاث.
وقد اختلف؛ هل لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبع للثيب أم لا؟ فذهب مالك فيما ذكر عنه ابن الموَّاز: إلى أنه ليس له أن يسبع. وكأنَّه رأى أن ذلك كان من خصوصيَّات النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ قد ظهرت خصوصياته في هذا الباب كثيرًا.
وقال ابن القصَّار: إذا سبع للثيب سبع لسائر نسائه؛ أخذًا بظاهر هذا الحديث. ولا يدلّ عنده على سقوط (١) الثلاث لها. وكأنه تمسك بالرواية التي قال لها فيها:(إن شئت زدتك وحاسبتك) وكل هذا منه صلى الله عليه وسلم عمل بالعدل بين أزواجه، ومراعاة له.
وهل كان ذلك منه - أعني القسم - على جهة الوجوب، كما هو على غيره بالاتفاق، أو هو مندوب إلى ذلك، لكنه أخذ نفسه بذلك رغبة في تحصيل الثواب، وتطييبًا لقلوبهن، وتحسينًا للعشرة على مقتضى خُلُقه الكريم، وليُقتدى به في ذلك؟ قولان لأهل العلم.
مستند القول بالوجوب: التمسَّك بعموم القاعدة الكلية في وجوب العدل