للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَت: قُلتُ: وَاللَّهِ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.

وفي رواية: إن عَائِشَةَ كَانَت تَقُولُ: أَمَا تَستَحيِي المرَأَةٌ تَهَبُ نَفسَهَا لِرَجُلٍ؟ حَتَّى أَنزَلَ اللَّهُ وذكره.

رواه البخاريُّ (٥١١٣)، ومسلم (١٤٦٤) (٤٩) و (٥٠)، وأبو داود (٢١٣٦)، والنسائي (٥٤١٦).

ــ

و(قول عائشة رضي الله عنها: ما أرى ربَّك إلا يسارع في هواك). قول (١) أبرزته الغيرةُ والدَّلالُ. وهذا من نوع قولها: (ما أهجر إلا اسمك) (٢) و (لا أحمد إلا الله) (٣). وإلا فإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباعدٌ لتعظيمه، وتوقيره (٤)؛ الذي أمرنا الله تعالى به، فإن النبي صلى الله عليه وسلم مُنَزَّهٌ عن الهوى بقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى}، وهو ممن نهى النفس عن الهوى. ولو جعلت مكان (هواك) (مرضاتك) لكان أشبه، وأولى. لكن أبعد هذا في حقِّها عن نوع الذنوب: أنَّ ما يفعل المحبوب محبوب.

و(قولها: (أما تستحيي المرأة تهب نفسها؟ ! ) تقبيح منها على من فعلت ذلك. وتنفير أوجبه غيرتها. وإلَاّ فقد علمت أن الله تعالى أباح هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصَّة، وأن النساء كلّهن لو مَلَّكنَ رقَّهُنَّ ورِقَابهنَّ للنبي صلى الله عليه وسلم لكُنَّ معذورات في ذلك، ومشكورات عليه لعظيم بركته، ولشرف منزلة القرب منه.

وعلى الجملة فإذا حُقِّقَ النظرُ في أحوال أزواجه؛ عُلِمَ: أنَّه لم يحصل أحدٌ في العالم على مثل ما حصلنَّ عليه. ويكفيك من ذلك مخالطة اللحوم، والدماء، ومشابكة الأعضاء،


(١) سقطت من (ل ١).
(٢) رواه البخاري (٥٢٢٨)، ومسلم (٢٤٣٩).
(٣) رواه البخاري (٤٧٥٠)، ومسلم (٢٧٧٠).
(٤) في (ل ١) و (ج ٢): تعزيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>