ثُمَّ إِن شَاءَ أَمسَكَ، وَإِن شَاءَ أن يطلق قَبلَ أَن يَمَسَّ فَتِلكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَن يُطلق لَهَا النِّسَاءُ.
ــ
الذي لأجله منعه من إيقاع الطلاق في الطهر الثاني للحيضة التي طلق فيها. فقيل فيه أقوال:
أحدها: أنه لو طلق فيه لكان كالموقع طلقتين في قُرءٍ واحد، من حيث: إنه لا يعتدّ بالحيض الذي طلق فيه من العِدَّة، وليس كذلك طلاق السُّنَّة.
وثانيها: أنها مؤاخذة بنقيض القصد، من حيث: إنه عجَّل ما حقَّه أن يتأخر، فكان كمستعجل الميراث بقتل مُوَرِّثه. وله نظائر. ولا يقال: إن هذا ليس بشيء؛ لأن ابن عمر لم يقصد فعل المحرم؛ إذ لم يعلم التحريم، فلا يعاقب؛ لأنَّا نقول: هو تقعيد القاعدة، وبيان حكمها مطلقا، وليس هذا من قبيل العقوبة الأخروية، وإنما هذا من قبيل ربط الأحكام بالأسباب، كما لو حلف فحنث ساهيًا، فإنه يقع الحنث وإن لم يكن مأثومًا.
وثالثها: إنما منع من ذلك لَتَحَقَّق الرجعة؛ لأنه إن (١) لم يمس فيه؛ فكأنه ارتجع للطلاق، لا للنكاح. وليس هذا موضوع الرجعة.
ورابعها: ليطول مقامه معها. ويتمكن منها بزوال الحيض، فتزول تلك النُّفرَة التي ذكرناها، فيتلذذ، ويطأ، فيمسك، ويحصل مقصود الزوجية، والألفة. وهذا أشبهها، وأحسنها، والله تعالى أعلم.
و(قوله: فتلك العدّة التي أمر الله أن تطلق لها النساء). (تلك): إشارة إلى الحالة التي عيَّنها بقوله المتقدم؛ لجواز إيقاع الطلاق فيها، وهي أن تكون في طهر لم تُمَسَّ فيه، وهي حوالة على قوله تعالى:{إِذَا طَلَّقتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وفي بعض رواياته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ الآية: (فطلقوهن لِقُبُلُ